السوق السوداء تسيطر على غزة: "تحوّل 100$ فيتلقون 50$"

السوق السوداء تسيطر على غزة: "تحوّل 100$ فيتلقون 50$"
مع شح السيولة النقدية في غزة وتوقف البنوك والصرافات، باتت العائلات تعتمد على سماسرة نقد يفرضون عمولات تصل إلى 40%، في ظل تضخم حاد وارتفاع جنوني للأسعار.
نقود
نقود

تتحول غزة تدريجيًا إلى اقتصاد نقدي متفلت تسيطر عليه شبكات غير رسمية من سماسرة الأموال، في ظل توقف البنوك والصرافات الآلية عن العمل منذ بدء الحرب، ومنع إدخال العملة الورقية من إسرائيل.

وتسبب هذا الوضع بانهيار القدرة الشرائية للعائلات، التي باتت تدفع عمولات باهظة تصل إلى 40% لتحويل أموال رقمية إلى سيولة نقدية.

وقال أيمن الدحدوح، مدير مدرسة في غزة، لوكالة أسوشيتد برس: "الناس يبكون دمًا بسبب هذا الوضع. إنه يخنقنا ويجوّعنا". وأفاد بأن بعض العائلات اضطرت لبيع ممتلكاتها ومصوغاتها لشراء مواد أساسية مثل الطحين والسكر، في حين وصل سعر كيلو السكر إلى 100 دولار، وليتر الوقود إلى 25 دولارًا، مما يعمق من الفقر واليأس.

وبحسب البنك الدولي، بلغت نسبة التضخم في غزة 230% خلال عام 2024، بينما وصلت البطالة إلى 80% نهاية العام. ومع انعدام الثقة بالنظام المصرفي، بات التجار يرفضون الأوراق النقدية البالية، في حين يطلب المزوّدون أوراقًا بحالة ممتازة فقط، خصوصًا من فئة 200 شيكل النادرة.

ويقوم سماسرة الأموال بفرض عمولات مرتفعة على عمليات التحويل، إذ أوضحت شاهدة من خان يونس أنها حوّلت 100 دولار ولم تحصل سوى على 50، ثم رُفضت لاحقًا بعض الأوراق النقدية التي حصلت عليها بسبب تلفها.

وظهرت "صناعة" جديدة تُعنى بإصلاح الأوراق النقدية، مقابل 3 إلى 10 شواقل للشريط الواحد، لكنها لا تضمن قبولها في الأسواق. ومع غياب الرقابة الرسمية، تحوّلت السيولة النقدية إلى سلطة بحد ذاتها، وأصبح سماسرة المال ومخازن البقالة يلعبون دورًا محوريًا في حركة السوق.

من جهتها، حاولت السلطة النقدية الفلسطينية إطلاق نظام مدفوعات رقمية يُدعى "أبوراق"، وانضم إليه نحو نصف مليون مستخدم، إلا أن معظم التجار رفضوا استخدامه، ما أدى إلى فشل المشروع.

ويشير محللون إلى أن سيطرة هذه الشبكات غير الرسمية تفاقم الأزمة، فيما لا تزال الجهات المعنية عاجزة عن ضبط الوضع. ويقول عمر شعبان، مدير مركز Palthink للأبحاث في غزة: "الوضع يشبه عمل المافيا. لا أحد يعرف من يدير الأمور، ومن يُدخل السلع ومن يتحكّم بالسوق".

Populars