في مقاله المنشور في صحيفة "يديعوت أحرونوت" بعنوان "زيارة ترامب للخليج: ماذا سيقدّم وماذا سيأخذ"، يستعرض يوئيل غوجينسكي خلفيات وتطلعات الجولة المقبلة للرئيس الأمريكي دونالد ترامب في الخليج، حيث من المتوقع أن يبدأها في السعودية، ثم ينتقل إلى قطر فالإمارات.
ويشير الكاتب إلى أن ترامب، الذي لا يملك حتى الآن إنجازًا واضحًا في السياسة الخارجية، يسعى إلى تحقيق مكاسب، لا سيما اقتصادية، يمكنه تقديمها كنجاحات في حملته السياسية المتصاعدة.
يؤكد غوجينسكي أن السعودية تحتل موقعًا محوريًا في أجندة ترامب، تمامًا كما كانت في ولايته الأولى، وهو يرى أن الرئيس الأميركي يمنح الرياض دورًا مهمًا في ملفات إقليمية، حتى في وساطة أولى مع روسيا بشأن أوكرانيا. على رأس أجندة الزيارة تبرز قضايا تتعلق بالتعاون النووي، حيث تسعى السعودية للحصول على دعم أميركي لتطوير برنامج نووي مدني، على غرار ما فعلته الإمارات.
غير أن إصرار الرياض على حق تخصيب اليورانيوم محليًا يضع الإدارة الأميركية في مأزق، إذ إن الموافقة على ذلك ستشكّل سابقة خطيرة تؤثر على المحادثات مع إيران وعلى جهود منع الانتشار النووي، بحسب الكاتب.
أما في موضوع صفقات السلاح، فيتوقع غوجينسكي الإعلان عن صفقات ضخمة رغم تراجع عائدات النفط. من وجهة نظر دول الخليج، فإن صفقات الأسلحة تمثل وسيلة لتعميق الشراكة مع واشنطن وخلق التزام طويل الأمد، حتى وإن أضرّت بتفوق إسرائيل العسكري النوعي.
كذلك، تسعى الدول الخليجية إلى توقيع اتفاقيات دفاعية ملزمة مع الولايات المتحدة، لكنها تصطدم بواقع سياسي أمريكي لا يسمح بسهولة بإبرام معاهدات تتطلب موافقة الكونغرس، لذا من المرجح، كما يرى الكاتب، أن نرى اتفاقات أمنية أقل رسمية.
ويُضيف غوجينسكي أن التكنولوجيا، لا سيما الذكاء الاصطناعي، ستكون على جدول المباحثات، حيث تطمح دول الخليج إلى الوصول لتقنيات أميركية متقدمة لم تكن متاحة لها سابقًا. وفي المقابل، تنتظر واشنطن أموالًا ضخمة تُضخ في الاقتصاد الأميركي، وهو ما سيسوّقه ترامب كنجاح اقتصادي يعزز مكانته.
لكن، برأي غوجينسكي، ثمة إشارة لافتة في توجهات دول الخليج: فهي تخشى إيران وتدرك خطرها، لكنها لا تملك شهية للمواجهة العسكرية، نظرًا لما قد يترتب عليها من أضرار اقتصادية وزعزعة للاستقرار الداخلي. لذلك، من المتوقع أن يهمس قادة الخليج في أذن ترامب بضرورة دفع اتفاق مع إيران، ولو مؤقتًا، لتفادي الحرب. وهي، كما يلاحظ الكاتب، "موسيقى" مختلفة تمامًا عما تسمعه واشنطن من إسرائيل، التي ترى في ضعف إيران فرصة تاريخية لضربها وإنهاء مشروعها النووي وربما إسقاط نظامها.
ويلفت غوجينسكي إلى أن إسرائيل لا تبدو في مركز السياسة الإقليمية الأميركية الحالية، رغم العلاقات التاريخية بين الدولتين. بل إن ترامب، كما يبدو، أقرب في توجهاته إلى محمد بن سلمان ومحمد بن زايد منه إلى بنيامين نتنياهو، وسط شعور بأن واشنطن اليوم "منفصلة" عن إسرائيل في عدد من الملفات الجوهرية.
ويضيف الكاتب أن زيارة ترامب إلى قطر – رغم الاعتراض الإسرائيلي – تعكس استمرار اعتبار واشنطن للدوحة "أصلًا استراتيجيًا"، ولا يتوقع حدوث تغيير في هذا التوجّه.
ملف التطبيع بين السعودية وإسرائيل، كما يوضح غوجينسكي، لن يُطرح في الزيارة، لا لغياب التقدم فحسب، بل لأن السعوديين طلبوا عدم التطرق له علنًا لتجنب الحرج. فموقف الرياض لا يزال يشترط إنهاء الحرب ووضع أسس لقيام دولة فلسطينية – وهي شروط ترفضها الحكومة الإسرائيلية.
لذلك، وكما يرى غوجينسكي، فإن واشنطن تواصل تعزيز علاقاتها مع دول الخليج على حساب إسرائيل، التي قد تجد نفسها خارج اللعبة، وتدفع أثمانًا في ملفات تقليدية كانت تعتبرها "خطًا أحمر".
ويشير الكاتب إلى أن "الجزرات" الأميركية، خاصة صفقات السلاح، كانت تُفترض أن تكون حافزًا للتطبيع مع إسرائيل، لكن حرب غزة وتعقيداتها دفعت بهذه "الصفقة الثلاثية" إلى الخلف. والنتيجة، كما يكتب: إسرائيل لا تحصل على تطبيع ولا تضمن مصالحها في الساحات الأخرى، دون أن يتضح إن كانت حكومتها تدرك خطورة ما يحدث أو حتى مطلعة على ما يجري بين واشنطن والعواصم الخليجية.
ويختم غوجينسكي بأن لترامب ميلاً خاصًا تجاه حكام الخليج، وأنه يرى في السعودية شريكًا استراتيجيًا يسهّل عليه تحقيق صفقاته الاقتصادية. وفي رؤيته للمنطقة، فإن السعودية، لا إسرائيل، هي حجر الزاوية. ولذا، فكما يستنتج الكاتب، فإن ترامب "يصوغ نظرته الإقليمية من خلال السعودية، لا إسرائيل".