تفتتح روت الباز مقالها بعبارة متروّية لكنها صادمة: لقد كانت هناك لحظات جميلة لإسرائيل منذ 7 أكتوبر، رغم كل ما حصل. هذه اللحظات لم تكن في الاحتفالات الرسمية أو أيام الاستقلال أو حتى في استهداف قادة حماس، بل في لحظة عودة المختطفين. لحظة أن وطئت أقدامهم أرض البلاد، سواء نزلوا من مروحية أو ترجلوا من مركبة، بوجوه تحمل آثار الأسر، كانت تلك، على حد وصف الكاتبة، أفضل لحظات إسرائيل منذ السقوط في الهاوية.
في تلك اللحظات، كما تصف، لم يعد هناك انقسام بين اليمين واليسار، لا مظاهرات، لا جدل حول الميزانية، فقط شعب كامل يُجمع على مشهد العودة، على دموع تنهمر أمام الشاشات.
وترى الكاتبة أن عودة المختطفين أعادت شعور الانتماء، أو بالأحرى أعادت تشكيله من جديد، فجعلت من الإسرائيليين قبيلة واحدة، لا توحّدها اللغة أو الرأي السياسي، بل شعور داخلي عميق ومشترك: "لقد عادوا".
تشير روت الباز إلى أن إسرائيل اليوم جريحة وتنزف، وأن طريق التعافي طويل ومضنٍ، وسيمر بما هو أكثر من "مراحل الحزن الخمس" المعروفة، بل ربما مئة مرحلة. لكنها ترى أن بداية الشفاء الحقيقي كانت في تلك اللحظات.
من خلال مشاهدتها لفيديوهات عودة المختطفين، تقول إنها لاحظت الطواقم الطبية والجنود يقفون جانبًا والدموع في أعينهم، يمسكون أيدي بعضهم البعض بتأثر شديد، وكأنهم كانوا أول من بدأ هذه الرحلة نحو التعافي، دون أن يقولوا شيئًا.
ورغم ذلك، لا تخفي الكاتبة استيائها من تصريح وزير المالية، بتسلئيل سموتريتش، الذي زعم أن "الأغلبية لا تريد صفقة تبادل"، وهو ما تراه الباز تجاهلًا فجًّا للحظة الوحدة التي شهدتها البلاد. تقول إنها تتمنى أن تأخذ بيده وتُريه الأيام التي كان فيها "الرأي العام" متمثلًا في كل من بكى أمام الشاشة. ففي تلك الأيام، كما تؤكد، بدأ الجرح الداخلي بالإغلاق.
ثم تنتقل الباز إلى حدث استُقبل رسميًا بتقدير كبير: استعادة جثمان الجندي تسفي فلدمان الذي فُقد في معركة السلطان يعقوب في لبنان قبل 43 عامًا. علّق سموتريتش بحماسة على الحدث، قائلاً: "لا توجد أمة أو دولة لا تدّخر جهدًا في استعادة أبنائها، حتى بعد أربعين عامًا". وهنا تصف الكاتبة هذا التصريح بالنفاق الصارخ، الذي يعبر أنفاق حماس، على حد تعبيرها. فمن جهة يفاخر بعدم التخلي عن أحد، ومن جهة أخرى يوقّع على قرارات ترفض صفقة قد تعيد المختطفين وهم أحياء، لا جثثًا. "لا داعي لانتظار 43 عامًا لإعادتهم"، تقول الكاتبة بلهجة ساخرة.
وتخلص الباز إلى أن عدم استعادة جميع المختطفين سيُبقي إسرائيل عاجزة عن الشفاء، وسيقوّض مشروعيتها الأخلاقية كدولة ترسل أبناءها إلى الجيش. إذ من يثق بدولة تخلّت عن أبناء غيرها؟ ومن يشعر بالانتماء لمكان يمكنه نسيان أسراه؟ تؤكد أن عودتهم واجبة، ليس فقط من أجلهم، بل من أجل الجميع. حتى يمكن القول، في يوم ما، إن إسرائيل تعافت من 7 أكتوبر.