في مقالها المنشور في "يديعوت أحرونوت"، تعبّر نافا درومي عن سعادتها بالإفراج عن عيدان ألكسندر من أسر حماس، وتصف الحدث بالـ"رائع"، مشيرة إلى أن عودة كل مختطف منذ السابع من أكتوبر تُعدّ معجزة بحد ذاتها.
وتلفت إلى أن أي إسرائيلي شاهد الصور الأولى من مجزرة غلاف غزة يومها، لا بد أنه قال في نفسه إن لا فرصة لعودة أولئك المختطفين. لكن الواقع أثبت عكس ذلك، وألكسندر عاد، وهذه فرحة لا يمكن إنكارها.
ومع الفرح، تبرز مرارة يصعب تجاهلها. الكاتبة تتحدث عن شعور عام بأن قيمة المواطن الإسرائيلي العادي أقل من قيمة الإسرائيلي الذي يحمل الجنسية الأمريكية. وتقول بصراحة إن ألكسندر على الأرجح لم يكن ليعود لولا أنه مواطن أمريكي. لا تحاول تجميل هذا الاستنتاج، بل تعتبره منطقيًا، حتى لو كان مؤلمًا. لكن هذه المرارة التي يشعر بها بعض الإسرائيليين لأنها ممزوجة بالفرح بعودة ألكسندر، تختلف عن مرارة أخرى يعبّر عنها البعض، لكنها ليست تجاه حماس أو المختطفين، بل تجاه نتنياهو.
تنتقل درومي لتصف كيف أن بعض خصوم نتنياهو وجدوا في هذا الحدث فرصة للشماتة به. هؤلاء، برأيها، لا يفرحون بأي إنجاز، حتى عندما يُنسب لنتنياهو أو لإسرائيل نفسها. إنهم ذاتهم الذين يطالبون بعودة المختطفين "بأي وسيلة وبأي ثمن"، لكنهم أيضًا يتمنون أن تتخذ الإدارة الأمريكية مواقف مناهضة لنتنياهو، وهم من تمنوا فوز كامالا هاريس ذات المواقف "المعادية لإسرائيل"، ويعلّقون الآن آمالهم على أن يُفاجئهم ترامب بتحوله ضد نتنياهو، في مشهد عبثي ترى فيه الكاتبة أن من يعتقد أن ترامب يعمل فوق رأس نتنياهو، لا يدرك أنه بذلك يعمل فوق رأس إسرائيل كلها.
وتشير الكاتبة إلى تغيّرات في سلوك الإدارة الأمريكية مؤخرًا، وتلاحظ أن البعض في إسرائيل يتلقاها بفرح نكاية بنتنياهو، من بينها الإفراج عن ألكسندر، والتفاهمات الأمريكية مع الحوثيين، والمحادثات مع إيران، والرغبة في إدخال مساعدات لغزة. لكنها ترى أن هذا التيار يتجاهل أمورًا لا تُناسب روايته، مثل الإفراج عن رهينتين أمريكيتين في بداية الحرب كبادرة لبايدن، أو الإفراج عن مختطفين إسرائيليين لا يحملون جنسيات أجنبية، أو حتى إطلاق سراح بعض الروس كإشارة إيجابية لبوتين.
في خضم هذه الانتقادات، ترى درومي أن هناك من يحاول تصغير إسرائيل فقط من أجل تقزيم نتنياهو. لكن الواقع، برأيها، يقول العكس. وتعدد ما تعتبره إنجازات كبيرة: وجود عسكري إسرائيلي في سوريا، ضعف حزب الله، غياب استعداد دول الإقليم للاستثمار في إعمار غزة، واختراق الدفاعات الإيرانية بقدرات إسرائيلية خالصة. كذلك تشير إلى أن الولايات المتحدة دعمت إسرائيل بأسلحة، وساعدت في فرض شبه حصار على غزة، فيما تواصل إسرائيل القتال دون قيود كبيرة.
وفي نهاية المقال، تحذّر درومي من وهم أن إسرائيل ستنهار إن أصبحت العلاقة مع ترامب أو مع أي رئيس أمريكي أكثر برودة. فإسرائيل، كما تقول، مرّت بتجارب مع رؤساء أمريكيين لم يكونوا أصدقاء، مثل أوباما وبايدن، وتمكنت من التعامل مع تحدياتهم. وإنْ حصل وابتعد ترامب مستقبلًا عن المصالح الإسرائيلية، فإن إسرائيل ستعرف كيف تتعامل، تمامًا كما لم تُطلع بايدن على كل خطوة، وتصرّفت وفق ما رأت أنه يخدم أمنها. فالاستقلالية ليست خيارًا، بل تجربة متراكمة.