في استعراضها الحاد لمواقف رئيس الوزراء نتنياهو، تكتب الصحفية نوحامة دواك في "يسرائيل هيوم" أن بنيامين نتنياهو يتعمد في الفترة الأخيرة تقليص دوره العلني في القرارات المتعلقة بالحرب على غزة وتقديم المساعدات الإنسانية، وكأنه "يتوارى خلف توصيات الجيش" بدل أن يتصدر المشهد كما اعتاد سابقًا.
دواك تلاحظ أن البيانات الرسمية التي صدرت مؤخرًا عن مكتبه لم تبدأ بصيغة "رئيس الوزراء أوعز" أو "أمر" كما كان الحال في بدايات الحرب، بل أصبحت تصيغ الأمور على نحو يُظهر وكأن الحكومة تتبع توصيات الجيش فقط.
الكاتبة تشير إلى أن هذا التغيير لا يعكس تواضعًا مفاجئًا لدى نتنياهو، بل حسابات سياسية دقيقة؛ ففي بداية الحرب، حين كان هناك إجماع داخلي ودعم دولي غير مسبوق، لم يتردد نتنياهو في وضع نفسه في الواجهة.
أما اليوم، وقد تآكلت شرعية الحرب في نظر كثيرين داخل إسرائيل وخارجها، وانتقلت صورة إسرائيل في الإعلام الغربي من "الضحية" إلى "الجلاد"، فهو يفضّل أن يتراجع خطوة إلى الوراء، ويترك للجيش مسؤولية القرارات الصعبة.
الكاتبة تُلمّح بوضوح إلى أن استئناف المساعدات الإنسانية لسكان غزة لم يكن بناءً على دوافع داخلية أو عسكرية كما جاء في البيانات الرسمية، بل بسبب ضغوط خارجية مباشرة، لا سيما من الرئيس الأميركي دونالد ترامب ومبعوثه ستيف ويتكوف، اللذين حذّرا من كارثة إنسانية وشيكة.
دواك تقول إن الصور التي تنقلها وسائل الإعلام الغربية لأطفال جائعين في غزة كانت أكثر فاعلية في تحريك نتنياهو من أي توصية عسكرية.
وتنتقد دواك الطريقة التي يتعامل بها نتنياهو مع هذه القضية، مشيرة إلى أنه بدل أن يعلن بصراحة أن إسرائيل رضخت لضغوط الولايات المتحدة لتجنب المجاعة في غزة، اختار إصدار بيان يحمل الجيش المسؤولية، وكأن القرار محض عملية مهنية لا علاقة لها بالسياسة.
أما داخليًا، فتكتب الكاتبة أن نتنياهو يحاول تهدئة قاعدته السياسية من خلال استعراض القوة أمام شركائه في الائتلاف، مثل وزير الأمن القومي إيتمار بن غفير. فحين طلب الأخير التصويت على قضية تتعلق بالمساعدات، رفض نتنياهو طلبه بحدة، وكأنه يوجه رسالة إلى مؤيديه بأنه لا يخضع لابتزازات بن غفير. لكنها تحذر في الوقت نفسه من أن بن غفير لن يسكت طويلاً، وقد يرد لاحقًا بعرقلة ملفات مهمة للحكومة، من قوانين الخدمة العسكرية وصولًا إلى التعديلات القضائية.
في الختام، ترى دواك أن أصوات الانتخابات بدأت تتردد في خلفية المشهد السياسي، فنتنياهو – كما تفهم من سلوكه – لا يخطو خطوة واحدة دون أن يحسب لها صدى انتخابيًا مستقبليًا.