في مقاله المنشور في صحيفة "يسرائيل هيوم"، يعبّر البروفيسور آفي بارئيلي عن شكوكه العميقة في أن تسمح المحكمة العليا بتعيين دافيد زيني رئيسًا لجهاز الشاباك، رغم التقديرات المتفائلة من محيط رئيس الحكومة بنيامين نتنياهو.
ويقول الكاتب إن هذه التقديرات لا تستند إلى حقائق قانونية بقدر ما تعكس تمنيات، أو ما يصفه بالسذاجة السياسية. فحتى في غياب موانع قانونية، يؤكد بارئيلي أن المحكمة العليا لم تعد تكترث لهذا الغياب، إذ سبق لها أن ألغت تعيينات وتعديلات دستورية دون أي أساس قانوني صريح، وهو ما يعتبره انحرافًا خطيرًا عن دورها الدستوري.
يشير بارئيلي إلى أن المحكمة العليا، في صيغتها الحالية، باتت تتصرف كجسم سياسي لا كهيئة قضائية، مستشهدًا بما يعتبره "استيلاءً" على لجنة تعيين القضاة في تجاهل لاقتراح تسوية من وزير العدل، ورافضًا ما يصفه بـ"التحكّم المطلق" الذي تمارسه مجموعة من القضاة بقيادة القاضي عميت.
ويعتبر الكاتب أن هذه المجموعة "فاقدة للكبْح" وغير مستعدة لأي تسوية أو توازن، بل تمارس السلطة القضائية بطريقة اعتباطية تهدد ما يسميه بـ"المَلَكية الدستورية".
برأيه، انقلبت المحكمة على مهمتها الأصلية، أي ضمان أن لا تتجاوز سلطات الدولة صلاحياتها القانونية، وباتت هي نفسها تمارس سلطتها من دون أي سند قانوني.
ويصف هذا الوضع بـ"المخجل والخطير"، معتبرًا أن كل من يظن أن زيني سيُعيَّن بسهولة، يتجاهل هذه الحقيقة الجوهرية حول طبيعة المحكمة الحالية.
ويحذّر الكاتب من أن رفض تعيين زيني قد يصدر بدافع سياسي بحت، مدفوعًا بضغوط من أوساط اليسار والنخب، التي استبدلت "سيادة القانون" بما يسميه "سيادة المحامين والقضاة". ويشدد على أن التقييمات القانونية لا تنفع هنا، لأن قرارات المحكمة، في نظره، لم تعد تُبنى على القانون، بل على الحسابات السياسية.
ورغم هذا التشخيص القاتم، يتساءل بارئيلي إن كان القضاة قد "يصحوْن" هذه المرة، في ظل مفترق طرق استراتيجي حاسم مع حماس وإيران، كما صرح نتنياهو. لكنه لا يستبعد أن يكون نتنياهو ومحيطه واهمين، لذا يرى أن الحكومة والكنيست مطالبان بالاستعداد لاحتمال أن تُجهض المحكمة تعيين زيني، وهو ما قد يربك إدارة الحرب في غزة ويعطل عمل أحد أبرز أذرعها الأمنية.
ورغم تحذيره من هذا السيناريو، يعارض بارئيلي اللجوء إلى مواجهة دستورية مع المحكمة في الوقت الراهن، مؤكدًا أن مثل هذه المواجهة ستكون أضرّ من منع تعيين زيني نفسه. ويدعو إلى ضبط النفس وتقديم النصر في غزة على أي صدام مؤسساتي، قائلًا: "يجب أن نكتم الغيظ ونواصل السعي نحو النصر".
ويختم الكاتب بأن لحظة المواجهة الكبرى مع المحكمة يجب أن تأتي فقط بعد الانتصار في الحرب وإجراء انتخابات، حين يكون الشعب قد شاهد من الذي أعاق الحسم. وعندها، يضيف، يمكن الذهاب إلى إصلاح دستوري يحصل على تفويض شعبي كامل، وهو السيناريو الذي يُرعب – حسب تعبيره – القاضي عميت ورفاقه.