في مقاله بصحيفة "يسرائيل هيوم"، يرسم الدكتور يهودا بلانغا صورة قاتمة للوضع المصري الداخلي والخارجي، مع التركيز على حالة الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي، الذي يصفه بأنه محاصر بانتقادات داخلية متصاعدة وضغوط إقليمية متزايدة، في ظل ما يعتبره تراجعًا لدور مصر العربي مقارنة بصعود نفوذ كل من السعودية، الإمارات، وقطر.
يرى بلانغا أن مكانة مصر باتت مهددة بفعل إخفاقات اقتصادية مزمنة، ومحاولات مستميتة من السيسي لـ"تثبيت السفينة"، لكنها لا تصمد أمام التحديات، لا سيما بعد اندلاع حرب "السيوف الحديدية"، والتي دفعت المعارضة الإسلامية إلى تكثيف هجومها على النظام المصري.
من وجهة نظر كاتب المقال، فإن القاهرة باتت في نظر الرأي العام العربي طرفًا متواطئًا أو متقاعسًا، خصوصًا بعد ما اعتبره صمتًا إزاء توغل جيش الدفاع في محور فيلادلفي، وغياب رد حاسم على المقترحات الأميركية لنقل سكان غزة إلى مصر أو الأردن.
ينقل الكاتب أن هذه الظروف فجّرت موجة من الفتاوى الصادرة عن رجال دين مؤثرين في العالم الإسلامي، وعلى رأسهم الشيخ محمد الحسن الددو من موريتانيا، الذي أفتى بجواز "التمرد على الحكام الطغاة"، معتبرًا أن من جاء إلى الحكم بانقلاب عسكري، كالسيسي، يمكن إسقاطه بالقوة. هذه الدعوة سرعان ما تبناها مفتي ليبيا صادق الغرياني، الذي أعاد نشر مقطع فيديو يصف فيه السيسي بأنه "عدو الله"، ويدعو الشعوب العربية، وعلى رأسها الشعب المصري، إلى النزول للشارع ضده، متهمًا النظام بانتهاك حقوق الإنسان ونسف إرادة المصريين.
يُبرز بلانغا الدور المحوري الذي تلعبه قطر، بوصفها منبرًا مفتوحًا لحركات المعارضة الإسلامية والعلمانية على حد سواء، وعلى وجه التحديد جماعة الإخوان المسلمين، ورجال الدين ذوي التأثير، والناشطين السياسيين والإعلاميين. من وجهة نظر الكاتب، فإن قطر تقود حملة تحريض مستمرة ضد مصر، بهدف إشعال احتجاجات شعبية جديدة وإسقاط ما يسميه "نظام الطغيان المصري". بل ويؤكد أن هذا النهج ليس جديدًا، بل هو امتداد لدور قطري بدأ منذ عام 2010، حين دعمت الدوحة الحركات الشعبية التي أطاحت بأنظمة في دول عربية أخرى، خاصة في سوريا، حيث اعتُبرت صعود الإسلاميين آنذاك بمثابة بشارة لمعارضي السيسي بأن التغيير ممكن أيضًا في مصر عبر القوة.
يربط بلانغا بين هذا التحريض القطري والموقف الرسمي أو الشعبي في العالم العربي الذي يتهم مصر بالتعاون مع إسرائيل، مشيرًا إلى فتوى سابقة أصدرها المفتي الليبي نفسه، يدعو فيها الجنود في مصر والأردن إلى عدم منع أي عربي من عبور الحدود نحو غزة أو الضفة الغربية لنصرة الفلسطينيين، بل يذهب إلى حد القول إن من يمنعهم "صهيوني".
ويختم الكاتب بالإشارة إلى موقف حركة حماس نفسها، التي لم تتردد في مهاجمة النظام المصري بحدة، حيث اتهم أحد قيادييها، طلال نصار، السيسي بالمشاركة في "إبادة جماعية"، قائلًا إن "من يفرّق بين عبد الفتاح ونتنياهو هو أحمق"، في محاولة لإظهار القاهرة كطرف شريك في الحصار والقتل.
من خلال هذا العرض، يسعى الدكتور بلانغا إلى إبراز ما يراه مسارًا قطريًا مستمرًا لإضعاف النظام المصري، وتحويله إلى هدف مشروع للإسلاميين والمعارضين، في ظل ما يعتبره تفككًا في مكانة مصر الإقليمية وتزايدًا في مشاعر السخط تجاه النظام من داخل وخارج البلاد.