في مقاله المنشور في صحيفة "يسرائيل هيوم" تحت عنوان "على إسرائيل أن تقتدي بدولة قطر"، يعرض الكاتب يونتان سوروتسكين مقاربة لافتة تنطلق من عالم الخيال العلمي، ليخلص من خلالها إلى دعوة مباشرة لإسرائيل كي تتعلم من تجربة قطر في الساحة الدولية، حتى وإن كانت تلك التجربة قائمة، كما يصفها، على "دهاء غير مسبوق".
يفتتح سوروتسكين مقاله بإسقاط أدبي من رواية "المؤسسة" للكاتب إسحاق أسيموف، حيث يتحدث عن عالم منفي يُنذر بانهيار إمبراطورية ضخمة وفاسدة، ويقيم على هامشها قوة جديدة باستخدام أدوات غير تقليدية مثل العلم والدين والتجارة. ثم يربط هذا النموذج بما أسماه المشروع القطري، حيث دولة صغيرة من حيث الجغرافيا والديموغرافيا – فقط 300 ألف مواطن وقرابة مليوني عامل أجنبي – تتحول إلى قوة إقليمية ذات تأثير عالمي.
يرى سوروتسكين أن ما يُميز قطر ليس جيشها أو اقتصادها الصناعي أو ثقافتها أو ديمقراطيتها، بل قدرتها على استخدام أدوات القوة الناعمة بشكل ذكي. ويخصص مساحة واسعة للإشادة بشبكة "الجزيرة"، واصفًا إياها بأنها وسيلة قطر للتحدث إلى الشعوب العربية فوق رؤوس الزعماء، وأنها باتت تحدد إلى حد كبير كيف ينظر الغرب إلى العالم العربي. ويقارن ذلك بفشل إسرائيل في تسويق روايتها الدولية، منتقدًا اعتمادها على "مبعوثين يتلعثمون بالإنجليزية على شاشات CNN، وبرامج سياحية للطلبة اليهود مثل مشروع "تغليت""، بينما كان يمكن، برأيه، الاستثمار في قناة دولية تخدم صورة إسرائيل ومصالحها.
لكن الكاتب لا يتجاهل طبيعة النظام القطري، ويصفه بوضوح على أنه ديكتاتوري، يبني نفوذه باستخدام المال السياسي، الرشى، والانتهاكات الصارخة لحقوق العمال. يورد مثالًا على ذلك ظروف بناء ملاعب كأس العالم 2022 على حساب أرواح آلاف العمال الأجانب، ويقارنها بسخريّة بمنح العمال الأجانب في إسرائيل معاشات تقاعدية. ويضيف أن قطر تموّل في الوقت نفسه حركة حماس وشخصيات مقربة من رئيس الحكومة الإسرائيلي، بينما في إسرائيل لا يمكن تغيير مورّد القهوة في مكتب حكومي دون بيروقراطية قاتلة.
في واحدة من أكثر المقارنات جذرية، يعود سوروتسكين إلى بدايات دولة إسرائيل في عهد بن غوريون، حين كانت – حسب تعبيره – "صغيرة وذكية، وتعرف كيف تستخدم الحِيَل"، وتُقدِم على أعمال مثل تقديم رشى من أجل شراء سفن وطائرات، معتبرًا أن مثل هذه البراغماتية كانت جزءًا من بناء الدولة.
في ختام المقال، يحرص سوروتسكين على توضيح أنه لا يدعو لتحوّل إسرائيل إلى ديكتاتورية، بل يصرّ على ضرورة الحفاظ على الطابع الديمقراطي ومبادئ الحكم الرشيد وحقوق الإنسان. لكنه يخلص إلى أن بعضًا من "مرونة القطريين" في السياسة الدولية، وبعضًا من دهائهم – كما يسميه – لن يضُرّ بإسرائيل، بل قد يكون ضروريًا لبقائها.