في مقال تحليلي نشرته صحيفة "يديعوت أحرونوت"، يتناول الكاتب غادي عزرا "أهمية طريقة توزيع المساعدات الإنسانية في غزة"، ويعتبر أن الاستقالة المفاجئة لمدير صندوق الإغاثة، جايك وود، تُمثل أكثر من مجرد خطوة إدارية.
فرغم أن البرنامج لا يعتمد على شخص واحد، يرى عزرا أن انسحاب وود من موقعه احتجاجًا على عدم القدرة على تلبية معايير "الإنسانية، والحياد، والعدالة، والاستقلالية"، قد يُحدث ارتدادات لاحقة قد تُؤثّر على مجمل العملية.
بحسب عزرا، لهذه الاستقالة تداعيات ميدانية، إذ إن الخطة الجديدة لتوزيع المساعدات تهدف إلى إضعاف قبضة حماس على الموارد، مثل الغذاء والدواء والإمدادات، وبالتالي تقليص قدرتها على الصمود أمام قوات جيش الدفاع.
كما أن توزيع المساعدات مباشرة إلى السكان يضعف سيادة حماس في القطاع، ما يجعل إنجاح الخطة عنصرًا حاسمًا في العمليات البرية. أي تعثّر في تنفيذها سيؤدي حتمًا إلى صعوبات ميدانية على الأرض.
ويرى الكاتب أن التأثير لا يقتصر على الجانب العملياتي، بل يمتد إلى الساحة السياسية والدعائية. فاستقالة وود، في ظل تدهور صورة إسرائيل دوليًا، تُضعف جهود شرعنة العملية الجارية في غزة. هذا المشروع كان من المفترض أن يُسهم فيه توزيع المساعدات عبر تخفيف المعاناة المدنية ومنع صور الفوضى والجوع، ولكن إذا كان حتى الشخص المكلّف بتنفيذ الخطة لا يثق بها – فكيف سيصدقها العالم؟ ويشير إلى أن مشاهد اقتحام الفلسطينيين لمراكز الإغاثة أو اندلاع العنف فيها تُضعف هذا المسار بدل أن تدعمه.
عزرا يضيف أيضًا بُعدًا مهمًا في العلاقة مع الولايات المتحدة، موضحًا أن التعامل مع واشنطن لا يهدف فقط إلى اكتساب شرعية، بل إلى ضمان الاستمرار السياسي والعسكري. برأيه، نيل "الضوء الأخضر" من البيت الأبيض، أو تفادي "الضوء الأحمر"، أمر مصيري، خصوصًا في ظل تصريحات الرئيس دونالد ترامب، التي أبدى فيها رغبته بإنهاء "هذا الوضع" بأسرع وقت. رغم أن مقصده قد لا يكون واضحًا، فإن عزرا يرى أن قدرة إسرائيل على معارضته تكاد تكون معدومة، واستقالة وود قد تكون حافزًا إضافيًا يدفع باتجاه الضغط الأمريكي لإنهاء العملية.
ويخلص الكاتب إلى أن استقالة وود ليست حدثًا مفصليًا بمفرده، لكنها تساهم في تشكيل المشهد العام، جنبًا إلى جنب مع الانتقادات الدولية، والتحديات الميدانية، والضغوط الأمريكية. ويتساءل عزرا عمّا إذا كانت إسرائيل قد بدأت فعلًا باستخلاص العبر من هذه الخطوة، ليس فقط في ما يخص خليفة وود، بل الأهم: في ما يتعلق بصيغة توزيع المساعدات نفسها.