يشير الكاتب في مستهل مقاله إلى أن على كل مواطن واجب الطاعة للقانون، لكن ثمة ما هو أعمق من ذلك، وهو واجب المواطنة الذي يقتضي حماية الأسس التي تتيح العيش المشترك بين البشر. ويتحدث عن قيم إنسانية كونية، مثل: حرمة الحياة، والمساواة بين الناس، واحترام عالمهم الداخلي. فبغض النظر عن الفروقات بين البشر، يجب ألا تمس السلطة بحياة أي إنسان، وألا تهين كرامته أو تنال من القيم التي تحفظها.
ويعبر الكاتب عن قلقه من أن السلطة في إسرائيل تخل منذ زمن بهذه القيم، وتلحق أذى أخلاقيًا بالغًا بالمجال السياسي، وتدفع المواطنين نحو مواقف منافية لما كان مقبولًا في المجتمع الإسرائيلي والتقليد اليهودي. ويقول إن "المواطن المثالي" من منظور الحكم الحالي هو ذاك اليهودي الموالي لأيديولوجيا ترى في الولاء للسلطة بديلاً عن القانون، حتى لو كان ذلك على حساب حياة الآخرين وكرامتهم، وخصوصًا الفلسطينيين.
يضيف الكاتب أن الحكم الحالي يسعى إلى صناعة إنسان "أحادي البعد"، يتحدث بلغة شعارات فارغة لا تتطلب تبريرًا، وتغلق الباب أمام الحوار النقدي المفتوح، ما يشكل تهديدًا للحياة المدنية التي تتأسس على التنوع الثقافي والقيمي. ولذلك، فإن واجب المواطنة اليوم، بحسب رأيه، هو الوقوف إلى جانب القيم المدنية، مثل حرمة الحياة، المساواة، وكرامة الإنسان، لا سيما حين تخون الدولة هذه المبادئ.
ورغم أن التظاهرات ضد السلطة تشكل تعبيرًا عن هذا الواجب، إلا أنها لم تعد كافية، لأن الحكومة لا تنصت، بل ترى في نفسها التعبير الوحيد عن "الصواب والحق". من هنا، فإن الاحتجاج المدني يجب أن يتجاوز مجرد التظاهر.
وفي ما يتعلق بالخدمة العسكرية، يؤكد الكاتب أن جنود جيش الدفاع يحملون مسؤولية حماية المجتمع المدني، وينبغي عليهم أن يرفضوا تنفيذ أوامر غير قانونية بشكل صارخ. لكنه يرفض رفضًا قاطعًا الدعوات إلى رفض الخدمة، إذ يرى أن الجيش ليس أداة في يد الحكومة بل مؤسسة لحماية المواطنين.
ويتابع أن مصدر قوة الحكومة هو دافع الضرائب – أي المواطنون أنفسهم – ما يعني أن بإمكان المجتمع المدني أن يشل هذه القوة من خلال إضرابات في الاقتصاد ومؤسسات التعليم. لكن الكاتب يضع حدًا واضحًا: لا يجوز اللجوء إلى العنف في هذا السياق.
ويختم غادي ساغي بأن الوقت قد حان لتعليق العمل، ليس انتظارًا لضربة قضائية أو قرار محكمة، بل لأن الانهيار قد وقع فعلًا. الحكم يواصل إلحاق الأذى بالقانون والمواطنين، وينتهك القيم الأخلاقية، اليهودية، والصهيونية. ويقول إن إسرائيل لم تُبنَ لتكون حصنًا للعنف والإذلال. لذلك، يجب أن يستمر العصيان المدني حتى الإفراج عن المختطَفين، ووقف القتال، ووقف الانقلاب القضائي.