في مقاله المنشور في صحيفة "يسرائيل هيوم" تحت عنوان "جريمة جديدة في المجتمع العربي كل 28 ساعة"، يقدّم الكاتب جلال بنا صورة قاتمة ومباشرة لواقع الجريمة في المجتمع العربي داخل إسرائيل، منتقدًا بشدة تهاون الحكومة في مواجهة هذا النزيف المستمر، ومتهما إياها بشكل غير مباشر بتغذية حالة الفوضى من خلال "الامتناع النشط" عن التحرك.
بنا يستند في مقاله إلى جلسة حكومية ناقشت تصاعد الجريمة، والتي شهدت تحذيرات من قبل ممثلي جهاز الشاباك بشأن خطورة الأسلحة غير القانونية المنتشرة في أيدي عصابات الجريمة العربية، مشيرين إلى أنها قد تُستخدم في مواجهات ذات طابع قومي وربما حتى ضد مواطنين يهود، ما لم يُعالج الأمر بجدية. ويشير الكاتب إلى أن الحكومة لا تُبدي نفس الحماسة التي تعاملت بها مع عصابات الجريمة في مدن مثل نتانيا وتل أبيب، متهماً إياها بازدواجية المعايير.
ويشير المقال إلى منع رئيس بلدية سخنين، مازن غنايم، من حضور الجلسة بطلب من الوزير إيتمار بن غفير، في خطوة يراها الكاتب نابعة من خشية الوزير من كشف تقصير وزارته أمام الإعلام، خاصة في فترة انتخابية. ويعبّر بنا عن اعتقاده بأن الحكومة ليست فقط غير مهتمة بحل المشكلة، بل إن عدم تحركها يُفسَّر داخل المجتمع العربي وكأن الدولة تُشجع الفوضى وتُضفي عليها شرعية ضمنية.
ينتقد الكاتب أيضًا التعاون الخفي بين الشرطة وبعض هذه العصابات، من خلال توفير الحماية لها مقابل معلومات استخباراتية، مشيرًا إلى أن هذا الوضع أفرز واقعًا تصبح فيه الجريمة متجذّرة وتُدار من قبل شبكات أقوى من أجهزة الدولة، فيما تبقى الشرطة عاجزة عن المواجهة.
ويحمّل بنا الدولة مسؤولية تاريخية في تجاهل الجريمة العربية عندما كانت هذه العصابات مجرد "مقاولين فرعيين" لعصابات يهودية، مُعتبراً أن هذا التجاهل ساهم في تضخمها وتحولها إلى تهديد استراتيجي. ويرى أن الفصل الذي تجريه الدولة بين "السلاح الجنائي" و"السلاح القومي" هو خطأ جسيم، إذ أن نفس السلاح قد يُستخدم ضد عربي أو يهودي لكن تعريف الجريمة يتغير وفق الهوية، ما يؤثر على طبيعة العقوبة ويمس بالمساواة أمام القانون.
ويختم الكاتب بنبرة حادة، محذرًا من أن التسييس الذي يخضع له ملف الجريمة العربية لن يدفع ثمنه العرب فقط، بل المجتمع الإسرائيلي برمّته، خصوصًا في ظل وزير يُفضل استعراض قوته أمام العرب بدل مواجهة الجريمة فعليًا.
ولا يستبعد أن يُستخدم مقاله ذاته كأداة دعائية ضده من قبل الوزير لإظهار "عربي آخر يهاجم سياسة الدولة"، في إشارة ساخرة إلى خطاب يتبنّاه بن غفير لتسويق أجندته أمام جمهوره.