مقال اليوم: "إيران ترد أولا ثم تفكر بالخطوة القادمة"

مقال اليوم: "إيران ترد أولا ثم تفكر بالخطوة القادمة"
مقال اليوم نشرته صحيفة "يديعوت احرونوت" للكاتب الدكتور راز تسيمت، وفيه يتوقف عند موقف إيران بعد تلقيها ضربة مؤلمة ليلة الخميس قبالة الجمعة مشيرا الى انها تمكنت من لملمة وجعها والرد على اسرائيل
طهران (1)
طهران (1)

في مقاله المنشور صباح اليوم في صحيفة "يديعوت أحرونوت" تحت عنوان "إيران ترد أولًا ثم تفكر بالخطوة القادمة"، يرسم الدكتور راز تسيمت صورة معقدة لموقف إيران بعد الضربة الإسرائيلية الموجعة، مؤكداً أن طهران، رغم الصدمة، تمكنت من استجماع أنفاسها والرد بمئات الصواريخ ضمن عملية أطلقت عليها اسم "الوعد الصادق 3".

إلا أن الكاتب يرى أن هذا الرد لم يأتِ نتيجة لخطط جاهزة أو هدوء استراتيجي، بل جاء كردة فعل أولية، متأخرة نسبياً، تعبّر عن حالة ارتباك داخلي، خصوصاً بعد مقتل عدد من كبار قادة الحرس الثوري، وعلى رأسهم قائد القوات الجوية أمير علي حاجي زاده.

يشرح تسيمت كيف أن التأخر الإيراني في الرد أثار تساؤلات ليس فقط في إسرائيل بل داخل إيران أيضاً، ما دفع أحد المحللين الموالين للنظام إلى تبرير التأخير باختراق استخباري إسرائيلي أجبر القيادة على تأمين المنشآت والشخصيات قبل الرد.

ويعتبر الكاتب أن هذا التبرير، وإن كان ظاهريًا تقنيًا، يكشف في العمق حجم الضربة التي تلقاها الهيكل القيادي في طهران، مما استدعى إعادة تنظيم فورية قبل أي خطوة عسكرية.

بحسب تسيمت، تجد إيران نفسها اليوم في وضع مشابه لما واجهته إسرائيل في 7 أكتوبر: انشغال بإعادة التوازن بعد صدمة قاسية، دون وضوح استراتيجي حيال "اليوم التالي". ويعتقد أن النظام الإيراني سيُضطر عاجلاً أم آجلاً لحسم موقفه بين نهجين متناقضين: إما الإصرار على سياسة التحدي والمواجهة، مع ما يحمله ذلك من خطر تصعيد إضافي، أو قبول العودة إلى طاولة المفاوضات – وحتى تقديم تنازلات حقيقية في ملف تخصيب اليورانيوم – وهو الخيار الذي قد يُعتبر في طهران بمثابة "اعتراف بالفشل".

إلا أن الكاتب لا يبدي تفاؤلاً حيال احتمال حدوث هذا الانعطاف في المدى القريب. فالثقة بين إيران والولايات المتحدة شبه معدومة، ويشير إلى أن التصريحات الإيرانية الرسمية تعبّر عن قناعة بأن الضربة الإسرائيلية لم تكن ممكنة لولا ضوء أخضر أميركي، أو على الأقل تجاهل متعمّد من واشنطن، مما يضيف بعدًا سياسيًا عميقًا للعداء. لذلك، يرى تسيمت أن إيران حالياً لا ترى أي جدوى في استئناف المحادثات مع الأميركيين.

مع ذلك، يضع الكاتب احتمال أن تغيّر إيران موقفها في ضوء نتائج المواجهة الحالية. فإذا تبين أن بنيتها النووية لا تزال قائمة ويمكنها الاقتراب من "العتبة النووية" دون كشف فوري من قبل إسرائيل أو أميركا، فقد تُغامر بالمضي في تطوير السلاح النووي حتى أثناء أي مفاوضات مستقبلية، كما فعلت كوريا الشمالية من قبل. وحينها، سيكون على المرشد علي خامنئي اتخاذ قرار مصيري: هل "يشرب كأس السم"، على حد تعبير الكاتب، كما فعل آية الله الخميني عام 1988 حين وافق على وقف إطلاق النار مع العراق لإنقاذ النظام؟ أم يواصل خط المواجهة ويتحمل تبعات التصعيد العسكري مع إسرائيل وربما مع واشنطن؟

أما السيناريو الداخلي في إيران، فلا يبدو واعدًا بتغيير جذري في رأي تسيمت. رغم تزايد النقمة الشعبية بسبب فشل النظام في حماية المواطنين، إلا أن القصف الإسرائيلي لمناطق سكنية خلق في المقابل نوعاً من التلاحم الوطني، ما أدى إلى تحصين النظام أكثر مما أضعفه. وهو يلاحظ أن مفاصل الحكم، ولا سيما الأجهزة الأمنية، لا تزال متماسكة ومعبأة لمواجهة التحدي الخارجي، ما يعني أن سقوط النظام من الداخل – على الأقل في المرحلة الحالية – أمر غير مرجح.

وينبّه تسيمت في ختام مقاله إلى أن نجاح إسرائيل في استهداف مواقع التخصيب ومصانع المواد النووية ومقتل عدد من العلماء، لا يعني أن المشروع النووي الإيراني قد تم تحييده بالكامل. بل على العكس، يرى أن جزءًا كبيرًا من البنية النووية لا يزال قائمًا، وأن إسرائيل لن تكون قادرة على تفكيكه نهائيًا دون مشاركة أميركية فاعلة. وإذا لم تتحقق هذه المشاركة، فقد تنجح إيران، بعد انتهاء المعركة، في إعادة إطلاق مشروعها النووي بشكل سري، وربما حتى أثناء أي مفاوضات مقبلة.

الأكثر شيوعاً