مقال اليوم: الحرب الإيرانية مؤشر على تحول اسرائيلي

مقال اليوم: الحرب الإيرانية مؤشر على تحول اسرائيلي
مقال اليوم لكاتبه اريئيل بولشتاين تحت عنوان "الحرب الإيرانية: مؤشر على تحول إسرائيلي"، ونشرته صحيفة "يسرائيل هيوم"، وفيه يتحدث الكاتب عن تصرفات إسرائيل على انها دولة عظمة تفرض قراراتها على الآخرين
الانفجارات في طهران
الانفجارات في طهران

في مقاله، يقدم يولشتاين العملية العسكرية الأخيرة التي أطلقتها إسرائيل ضد إيران، والتي أطلق عليها اسم "شعب كالاسد"، بوصفها تحولًا جذريًا في التفكير الإسرائيلي، من دولة تقيّد نفسها وتخشى المبادرة إلى دولة تفكر وتتصرف بمنطق "الدولة العظمى".

يرى الكاتب أن "الظروف لهذا التحول كانت ناضجة منذ وقت طويل"، مشيرًا إلى أن إسرائيل كانت تمتلك دائمًا القوة الكافية للتصرف كقوة إقليمية وربما أكثر، لكنها كانت مكبلة بمجموعة عوامل – من السياسة الداخلية، مرورًا بالحاجة إلى استرضاء إدارات أمريكية سابقة، وانتهاءً بما سماه "تركة الغيتو" المزروعة في الوعي اليهودي الجماعي. ويضيف: "الآن، وقد نهض الشعب كـ’الاسد‘، فإن التفكير الإمبراطوري بات ضرورة الساعة – من الآن وإلى الأبد."

يهاجم بولشتاين مرحلة أوسلو بشدة، معتبرًا إياها مثالًا ساطعًا على ما يصفه بـ"التفكير الصغير" أو الساذج، ويقول إن إسرائيل في عهد رابين وبيرس "بنت أوهامًا على الفكرة الجنونية بأن تلبية تطلعات القوميين العرب القاتلة ستحمينا".

أما عن عملية "شعب كالاسد" فيراها الكاتب تصحيحًا لهذا المسار، إذ أصبحت الدولة اليهودية، برأيه، الطرف الذي يملي شروطه على أعدائه لا العكس، مضيفًا أن إسرائيل "تبادر وتقرر، سواء أعجب ذلك الصغار من رام الله أو طهران أم لا".

يُبرز الكاتب أيضًا البُعد الدولي في هذا التحول، ويقول إن دولة تفكر كقوة عظمى لا تنتظر قرارات القوى الكبرى بل تسعى لتشكيل تلك القرارات. ويعتبر أن هذا ما قامت به إسرائيل بقيادة نتنياهو منذ لحظة دخول دونالد ترامب البيت الأبيض، بل وربما قبل ذلك، مضيفًا: "النتيجة واضحة: إسرائيل التي تُملي إرادتها على محيطها، تحظى بتنسيق تام مع واشنطن، وحتى بنظرة احترام من عواصم أوروبا."

الكاتب لا يتجاهل ثمن هذه العملية، لكنه يعتبره ثمنًا مقبولًا في سبيل السيادة والاستقلال القومي، قائلًا إن القيادة الإسرائيلية اختارت العمل الهجومي رغم إدراكها أن مدنيين سيدفعون الثمن، وهذا بحد ذاته يعكس تفكيرًا استراتيجيًا بعيد المدى، بعكس منطق الغيتو الذي ينشغل بالحاضر فقط.

ويمضي في المقارنة، مشيرًا إلى ما يسميه غياب التفكير الاستراتيجي في صفقات تبادل الأسرى التي أبرمتها إسرائيل خلال العقود الماضية، ويخص بالذكر صفقة شاليط، والتي يعتبرها تعبيرًا عن "عمى جماعي"، وسببًا في تآكل الردع الإسرائيلي، بل وإراقة دماء لاحقة. ويضيف: "في حينه انتصر غياب التفكير الاستراتيجي على أي منطق أساسي. أما الآن، فالوضع مختلف تمامًا: الهجوم على إيران يستند إلى تفكير تشرشلي يعترف بالثمن لكنه يفضل البقاء على الثمن."

ويختم الكاتب بتسليط الضوء على البُعد الزمني لهذه العملية، قائلًا إن "التحرك لم يأتِ فجأة، بل هو نتيجة سنوات طويلة من الإعداد والمثابرة"، مشيرًا إلى أن نتنياهو قاد هذه الاستراتيجية سواء من موقع رئاسة الحكومة أو من المعارضة، حتى حين كان الحديث عن إيران غير شائع، ومعتبراً هذا دليلاً على "قيادة تعرف التمييز بين المهم والتافه".

باختصار، يحاول بولشتاين رسم العملية العسكرية ضد إيران كتجسيد لتحول بنيوي في التوجه الإسرائيلي نحو الفاعلية والهجوم، وكنهاية لمرحلة الدفاع والتردد والارتهان للضغوط الدولية، ويرى في نتنياهو المهندس التاريخي لهذا التحول.

الأكثر شيوعاً