في مقال تحليلي نُشر في صحيفة "يديعوت أحرونوت"، حذّر الدكتور متان غوتمان من خطورة الخطوة الإيرانية المحتملة بالانسحاب من معاهدة حظر انتشار الأسلحة النووية (NPT)، معتبرًا أن هذا التطور – رغم أنه قد يبدو للبعض ثانويًا في ظل الأحداث الراهنة – يشكل لحظة دراماتيكية على مستوى المنظومة الدولية، لما يحمله من دلالات مشابهة لسابقة كوريا الشمالية.
غوتمان يوضح أن معاهدة NPT، الموقعة عام 1968، هي الصيغة القانونية الوحيدة التي نجحت حتى اليوم في كبح جماح عشرات الدول ومنعتها من تطوير سلاح نووي. تستند المعاهدة إلى ثلاثة محاور رئيسية: منع الانتشار، التزام الدول النووية بنزع السلاح، والسماح باستخدام التكنولوجيا النووية لأغراض مدنية فقط تحت إشراف وكالة الطاقة الذرية (IAEA).
ويشرح الكاتب أن الدول الوحيدة المخوّلة قانونيًا بامتلاك أسلحة نووية بموجب المعاهدة هي تلك التي امتلكت القنبلة قبل عام 1967 – أي الولايات المتحدة وروسيا وفرنسا وبريطانيا والصين. أما دول مثل الهند وباكستان وكوريا الشمالية، فليست موقعة على المعاهدة، أو انسحبت منها لاحقًا، كما فعلت بيونغ يانغ في مطلع الألفية، لتصبح دولة نووية علنًا.
فيما يخص إسرائيل، يشير غوتمان إلى أنها لم توقّع على المعاهدة أبدًا، وتتبنى سياسة "الغموض النووي"، شأنها في ذلك شأن عدد محدود من الدول.
لكن إيران، خلافًا لذلك، موقعة على المعاهدة، وتصر رسميًا منذ سنوات على أن برنامجها النووي مخصص لأهداف سلمية بحتة، وهو خاضع نظريًا لرقابة وكالة الطاقة الذرية. ومع ذلك، وبسبب الشكوك المتزايدة بشأن نواياها، تم التوصل إلى الاتفاق النووي المعروف بـJCPOA عام 2015، بهدف فرض قيود أكثر صرامة على البرنامج النووي الإيراني. ومع انسحاب إدارة ترامب من الاتفاق، عاد الملف إلى نقطة البداية، وتعثرت لاحقًا محاولات التفاوض على اتفاق جديد.
ويضيف غوتمان أن وكالة الطاقة الذرية أعلنت الأسبوع الماضي لأول مرة منذ عقود أن إيران تنتهك رسميًا التزاماتها بموجب المعاهدة، وأنها في الواقع تطوّر برنامجًا عسكريًا محظورًا. ومن هنا، فإن انسحاب إيران من NPT سيُعدّ، بحسب تعبيره، بمثابة "خلع القناع" عن نواياها، والتصريح الصريح بأنها تسعى إلى القنبلة، مع إنهاء أي رقابة دولية على منشآتها.
ويحذّر الكاتب من أن تكرار سيناريو كوريا الشمالية – حيث لم تنجح لا العقوبات ولا المساعي الدبلوماسية في ردعها – قد يتحقق مجددًا مع إيران، ما لم تُتخذ خطوات عسكرية فعالة لتدمير البرنامج، أو يتم التوصل إلى اتفاق دولي ملزم وحازم. من وجهة نظره، فإن نهاية العملية العسكرية الإسرائيلية الحالية يجب أن تتضمن نهاية واضحة لطموحات إيران النووية، وإلا فإن العالم سيواجه دولة جديدة تمتلك سلاحًا نوويًا خارج أي رقابة.
الكاتب هو دكتور في القانون، ومحلل قانوني في ynet، ومحاضر في جامعة رايخمان.