مقال اليوم: "إسرائيل تعود الى نفس النقطة بعد جهد كبير"

مقال اليوم: "إسرائيل تعود الى نفس النقطة بعد جهد كبير"
مقال اليوم بقلم الكاتب ميخائيل ميلشتاين ونشرته صحيفة "يديعوت احرونوت" وفيه يرى الكاتب ان إسرائيل عادت الى نفس النقطة بعد جولة طويلة من القتال في قطاع غزة
جنود في القطاع
جنود في القطاع

في مقاله المنشور اليوم في صحيفة "يديعوت أحرونوت" تحت عنوان "إسرائيل تعود إلى نفس النقطة بعد جهد كبير"، يرى ميخائيل ميلشتاين أن إسرائيل، وبعد جولة طويلة من القتال والخيارات الصعبة في قطاع غزة، تجد نفسها مجددًا أمام مفترق الطرق ذاته الذي كانت عنده قبل أكثر من عام: إما اجتياح كامل للقطاع، أو التوجه نحو تسوية مؤلمة تنهي الحرب وتؤدي إلى انسحاب.

ويعتبر الكاتب أن الحرب لم تحقق حتى الآن أهدافها الاستراتيجية المعلنة، وهي القضاء على القدرات السياسية والعسكرية لحماس، وتحرير جميع المختطفين. فرغم توجيه ضربات قاسية للتنظيم واغتيال عدد من قادته، لا يزال يفرض نفوذه الميداني ويدير المعركة بإدارة منظمة وبلا فوضى، كما أن المجتمع الغزّي لم ينقلب عليه، ولا توجد بدائل محلية له.

ويصف ميلشتاين الوضع بمجموعة من "الخيالات المضللة"، من بينها الاعتقاد بإمكانية حسم الحرب خلال أشهر قليلة، أو إقناع دول عربية بإدارة القطاع، أو إقامة جيوب تُحكم من قبل ميليشيات موالية لإسرائيل، في إشارة إلى تجربة تسليح "ميليشيا أبو شباب" في رفح، والتي يعتبرها مغامرة قد تنقلب على إسرائيل نفسها. كما ينتقد الوهم بأن خطة ترامب لإفراغ القطاع من سكانه ممكنة، إذ لا توجد دولة في العالم مستعدة للتعاون معها.

ويشيد الكاتب بعملية "الأسد الصاعد" ضد إيران، معتبرًا أنها استهدفت التهديد الوجودي الحقيقي، وألحقت ضررًا كبيرًا بمشروعها النووي، لكنها كانت جولة أولى فقط، لأن طهران ستسعى لإعادة بناء قوتها، بما في ذلك برنامجها الصاروخي وشبكة وكلائها الإقليمية. ويرى أن استمرار الحرب في غزة يشتت الانتباه عن إيران، ويُنهك جيش الدفاع، خاصة قوات الاحتياط، ويؤدي إلى تصاعد الانقسامات الداخلية والانتقادات الدولية.

كما يحذر من أن إطالة أمد الحرب في القطاع أو التفكير بضم أراضٍ وإعادة الاستيطان، قد تقوّض فرص التطبيع مع دول عربية، وعلى رأسها السعودية، وتُحدث توترًا بين إسرائيل والولايات المتحدة، في وقت يرى فيه ترامب إمكانية لإعادة تشكيل الشرق الأوسط من خلال اتفاقات تطبيع جديدة.

ويؤكد الكاتب أن إسرائيل تتبنى الآن مقاربة معقدة في مواجهتها مع إيران وحزب الله، دون وهم "الحسم المطلق". الهدف هو تحييد التهديدات العسكرية، لا القضاء على العدو كليًا. وهذه "الواقعية المعقدة"، كما يسميها، ضرورية أيضًا في غزة، لأن تحقيق نصر مطلق هناك يتطلب خيالًا واسعًا وتفاؤلًا غير واقعي.

ويشير إلى أن المؤشرات الأخيرة تدل على توجه إسرائيلي للتخلي عن هدف احتلال كامل للقطاع أو إسقاط حماس، مقابل ترتيبات أمنية تشمل منطقة عازلة، سيطرة على محور فيلادلفيا، وحرية عمل عسكرية مستمرة. ويرى أن هذه المقاربة تُظهر تغيرًا في التفكير الرسمي.

ويختم ميلشتاين بتحذير من أن التشبث بالشعارات مثل "لا يمكن ترك النازيين على السياج" سيقود إسرائيل إلى كارثة: سيطرة على مليوني فلسطيني، حرب عصابات مستمرة، عزلة دولية، انقسام داخلي، دون تحرير مختطفين، ودون قدرة على التركيز على إيران.

في ظل ذلك، يمكن أن تستمر حماس بالوجود، لكنها ستكون أضعف وأقل تأثيرًا، وتحت رقابة مستمرة من إسرائيل. أما التغيير الجذري في القطاع، فلا يمكن تحقيقه إلا في المستقبل البعيد، ومع توفر ثلاثة شروط لا تتوفر حاليًا: خطة مفصلة وواقعية، إجماع داخلي، ودعم خارجي.

الأكثر شيوعاً