مقال اليوم: أجمل الأشياء تحدث حين لا يتوقعها أحد

مقال اليوم: أجمل الأشياء تحدث حين لا يتوقعها أحد
مقال اليوم بقلم كاتبه نداف تمير ونشرته صحيفة "معاريف" تحت عنوان: "أجمل الأشياء تحدث حين لا يتوقعها أحد"، وفيه يلمح الكاتب الى علاقة نتنياهو بواشنطن التي تتعدى المضمون السياسي
ترامب مع نتنياهو في البيت الابيض
ترامب مع نتنياهو في البيت الابيض

يرى نداف تمير أن بنيامين نتنياهو لا يفوّت فرصة للسفر إلى واشنطن، إحدى العواصم القليلة التي لا يخشى فيها تنفيذ أمر توقيف بحقه، مما يتيح له تأجيل محاكمته الطويلة والاستمتاع بعطلات نهاية أسبوع مريحة. ويُلمّح الكاتب إلى أن حب نتنياهو لواشنطن لا يرتبط دائمًا بمضمون سياسي، بل أحيانًا يكون مجرد غلاف لصور استعراضية وفرصة للاختباء من الواقع الداخلي.

ويذكّر تمير بالزيارة الأخيرة التي قام بها نتنياهو إلى ترامب في البيت الأبيض، والتي جاءت مباشرة بعد لقائه مع فيكتور أوربان في بودابست، وهناك اكتشف أن حضوره كان شكليًا لا أكثر، كخلفية في إعلان استئناف المفاوضات مع إيران حول الاتفاق النووي.

وفي الأسبوع القادم، من المتوقع أن يزور نتنياهو البيت الأبيض مجددًا، للمرة الثالثة خلال نصف عام من رئاسة ترامب، على أمل – كما يقول الكاتب – أن تكون هذه الزيارة مختلفة، حاملة لبشرى حقيقية وليس مجرد عطلة لعائلة نتنياهو.

وفي ظل استمرار الحرب في غزة دون هدف واضح، ومع تصريح رئيس الأركان إيال زامير للوزراء بأن أوضاع المختطفين صعبة ويتعرضون لما يشبه التعذيب، فإن المبرر الوحيد للسفر إلى واشنطن يجب أن يكون دفعًا جديًا نحو صفقة تضمن الإفراج عنهم. بحسب تمير، يعاني نتنياهو من خلل في تقييم الواقع، فهو يبالغ في تقدير ذاته ومصالحه السياسية، ويُقلل من شأن كل الآخرين، بمن فيهم المختطفين وعائلاتهم.

لكن السؤال الجوهري، كما يطرحه الكاتب، هو: هل ستكون هذه الزيارة مجرد فصل إضافي في مسلسل الانفصال عن المصلحة الإسرائيلية، أم أنها فعلًا خطوة نحو إنهاء الحرب واستعادة المختطفين؟ في واشنطن سيلتقي نتنياهو مع صديقه ترامب، الذي يتعامل بحماسة طفل مع قضايا كبرى، وقد قرر مؤخرًا التدخل في الشأن القضائي الإسرائيلي بدعم من نتنياهو ومعجبيه.

ويشير تمير إلى أن ترامب لا يزال يفتخر بـ"تصفية البرنامج النووي الإيراني"، رغم أن الواقع يقول خلاف ذلك – فإيران ما زالت تملك ما يكفي من اليورانيوم المخصب لصنع قنبلة خلال أشهر. هذا الإصرار من ترامب على روايات لا تدعمها الحقائق، يثير القلق ويكشف – كما يرى الكاتب – عن فجوة بين العالم الذي يتحدث عنه ترامب وبين الواقع الفعلي، طالما أن العناوين في "فوكس نيوز" تلبي غرضه.

وعلى ذات النحو، فإن ملف الرهائن يشهد تراشقًا بالمواعيد والتصريحات الفارغة من ترامب ونتنياهو معًا، ما تسبب – بحسب تمير – في معاناة نفسية شديدة لعائلات الرهائن الذين يتمسكون بأي بصيص أمل، ولو كان وهميًا. وحتى الآن، نجح وزير الشؤون الاستراتيجية رون درمر في إقناع الأميركيين بحلم "الانتصار الساحق على حماس"، لكن ربما بدأ الوعي يتسلل إليهم بأن القضاء على تنظيم إرهابي لا يتم بالقوة العسكرية وحدها، كما علمت الولايات المتحدة ذلك مرارًا في فيتنام والعراق وأفغانستان.

ولأول مرة، يملك نتنياهو مصلحة مباشرة في إنهاء الحرب، حسبما يرى تمير. فبرغم إصرار سموتريتش على استمرار القتال، وبوجود معارضة ضعيفة ومتناحرة، ومع اعتبار كثيرين في الشارع الإسرائيلي أن الحرب ضد إيران كانت نصرًا – سواء كان هذا الانطباع في محله أم لا – قد يرى نتنياهو أن الانتخابات القادمة، بعد نحو 15 شهرًا، ستكون فرصة أفضل له إن جاءها على خلفية صفقة تُنهي الحرب وتُعيد الرهائن – أحياءً وأمواتًا – إلى ذويهم، وربما أيضًا مع اختراق في مسار التطبيع الإقليمي، يشمل السعودية وربما حتى سوريا ولبنان وإندونيسيا.

ويرى الكاتب أن مصلحة التطبيع تخدم كذلك ترامب، الذي يعشق "الصفقات الكبرى"، ويحلم برؤية شرق أوسط مليء بالأموال والفرص، وهدوء كافٍ يسمح لأصدقائه بتحويل السياسة إلى أرباح وجوائز – وربما حتى نوبل. ولعل هذه المرة، يلتقي نرجسية ترامب التجارية مع مصلحة نتنياهو السياسية، والتي قد تتقاطع – على نحو نادر – مع مصلحة مواطني إسرائيل، وفي مقدمتهم عائلات المختطفين، وكذلك سكان غزة الذين لا يزالون على قيد الحياة وسط مشهد عام من الموت والدمار والمجاعة.

ويختتم نداف تمير مقاله بما قد يكون الأمل الأخير: "أجمل الأشياء تحدث حين لا يتوقعها أحد".

الأكثر شيوعاً