في مقال نشرته صحيفة "معاريف" تحت عنوان "آن أوان نظام إقليمي جديد وعلى إسرائيل قيادته"، يطرح الجنرال احتياط عميت ياغور رؤية استراتيجية طموحة لدور إسرائيل في رسم ملامح نظام إقليمي جديد في الشرق الأوسط، بالتعاون مع الولايات المتحدة ودول المنطقة.
يؤكد الكاتب أن زيارة رئيس الحكومة للولايات المتحدة تُعد حدثًا تاريخيًا، ويشدد على ضرورة أن لا تقتصر اللقاءات على بحث الملفين "الملغمين" المتبقيين لما بعد الحرب، أي إيران وحماس، بل أن تستغل الزيارة لرسم خريطة شاملة للنظام الإقليمي القادم، بما يشمل فرصه ومخاطره على حد سواء.
ويعرض ياغور نقاطًا اعتبرها ضرورية في الحوار مع الرئيس الأميركي، ويبدأ بالقول إن زمن الرسائل المزدوجة من الدول العربية قد انتهى. فلكي تنجح النظم الإقليمية الجديدة، لا يكفي التوقيع على اتفاقات تطبيع ثم الاستمرار في تقديم "ضريبة كلامية" للفلسطينيين أو للإخوان المسلمين أو للتنظيمات الإرهابية، فيما تستمر تحت السطح علاقات سرية مع إسرائيل. التطبيع، بحسب تعبيره، يجب أن يكون مرئيًا على مستوى الشعوب، لا فقط على مستوى القيادات.
ويطرح الكاتب أن "القاعدة الأولى" لهذا النظام الإقليمي يجب أن تكون إنشاء جبهة دولية ضد حركة الإخوان المسلمين، ويشير إلى أن هناك توجهًا عالميًا آخذًا بالتبلور ضد الجماعة، في أوروبا، مصر، الأردن، السعودية وغيرها. ومن المهم، برأيه، أن تقود الولايات المتحدة هذه المواجهة بالتعاون مع إسرائيل ودول أخرى، ليكون هذا العداء المشترك أرضية لبناء علاقات جديدة. ويقترح إخراج الجماعة عن القانون الدولي تمامًا كما تم مع النازية بعد الحرب العالمية الثانية، حتى إنه يدعو إلى محاكمات علنية لقيادات حماس على غرار محاكمات نورمبرغ.
أما القاعدة الثانية، بحسب ياغور، فهي "الهندسة الاقتصادية الجديدة"، ويقصد بها محور IMEC الذي يربط بين إندونيسيا، الهند، دول الخليج، ثم إسرائيل كمنفذ بحري نحو أوروبا. ويشدد على أن ترك هذا المحور في حالة فراغ يُعد خطأ استراتيجيًا، مطالبًا بالإسراع في إطلاقه من خلال قمة ثلاثية بين إسرائيل والهند والسعودية، تُعقد إما في الهند أو إسرائيل، أو على الأقل عبر إعلان رسمي مشترك لرؤساء الدول. ووفق رأيه، سيكون لهذا المحور دور حاسم في تدعيم النظام الإقليمي الجديد وفتح باب التطبيع، كما سيشكل بديلًا للمحاور المنافسة التي تسعى تركيا إلى قيادتها.
فيما تتمثل القاعدة الثالثة، كما يراها الكاتب، في إعادة الإعمار وتقديم الدعم الاقتصادي. يعتبر ياغور أن هذه المسألة مصيرية لسوريا ولبنان، وضرورية لمصر والأردن، ولذلك فإنها تمثّل محفزًا كبيرًا لمشاركة هذه الدول في نظام تقوده واشنطن.
ويقترح صياغة خطة إقليمية شاملة، لا مساعدات فردية لكل دولة، على غرار "خطة مارشال" بعد الحرب العالمية الثانية، تقودها الولايات المتحدة، ويفضل أن يبدأ الرئيس ترامب بصياغتها خلال ولايته. برأيه، ستكون هذه الخطة رافعة مركزية تضمن استدامة النظام الإقليمي الجديد، وتحفّز الدول على مواجهة التنظيمات الإرهابية وممثلي "محور المقاومة" الذين لا يزالون موجودين في بعض الساحات.
بهذا، يرى ياغور أن الفرصة التاريخية التي تلوح في الأفق يجب ألا تُهدَر، وأن على إسرائيل، بدلًا من الاكتفاء بردّ الفعل، أن تتصدر المشهد وتقود بلورة نظام إقليمي جديد يخدم مصالحها ومصالح الشركاء الإقليميين والدوليين.