مقال اليوم: "المدينة الانسانية عقاب لإسرائيل وليس لحماس"

مقال اليوم:"المدينة الانسانية عقاب لإسرائيل وليس لحماس"
مقال اليوم كتبه المحلل السياسي بن درور يميني ونشرته صحيفة "يديعوت احرونوت"، وفيه يتناول مقترح إقامة ما يعرف بـ "المدينة الإنسانية"، معتبرا هذه الخطة بمثابة هدية لحماس وليس عقابا لها
مؤلف بن درور يميني مؤلف بن درور يميني
رفح
رفح

يكتب بن درور يميني أن إسرائيل تقف اليوم عند مفترق طرق حاسم، إذ ينتظر المجتمع الإسرائيلي انفراجة محتملة في ملف المختطفين ووقف إطلاق النار، لكن في حال تعثر المفاوضات، فإن إسرائيل توشك أن تقع في فخ صنعته بنفسها. الفكرة المطروحة حاليًا من قبل من يسميهم "وزيري الأمن الحقيقيين" بتسلئيل سموتريتش ويسرائيل كاتس، هي إقامة "مدينة إنسانية" في غزة، وهي، بحسب تعبيره، ليست عقوبة لحماس بل هدية لها، وعقاب لإسرائيل نفسها.

ويمضي الكاتب متسائلًا عن اختفاء ما يسميه "العقل اليهودي" في التعامل مع حماس، رغم تجليه في جبهات أخرى مثل التعامل مع حزب الله أو إيران. فبعد قرابة عامين من الحرب، ما زال جيش الدفاع يعيد السيطرة على نفس المناطق مرارًا دون حسم، وما زالت الخسائر البشرية مستمرة بمعدل قتيل يومي، بينما مكانة إسرائيل الدولية تتراجع، في ظل معارك ما زالت دائرة في مناطق مثل بيت حانون، على بعد كيلومتر واحد فقط من سديروت، وهو وضع يراه الكاتب غير عقلاني.

ويعرب يميني عن قلقه من أن مشروع "المدينة الإنسانية" لا يستند إلى خطة عملية، ويتساءل كيف يمكن تجميع نصف مليون إلى مليون إنسان في منطقة مدمّرة، ومن سيوفر لهم المأوى والخدمات؟ هل سيقيم الجيش المخيمات ويوزع الطعام؟ من أين سيأتي الطاقم البشري الهائل لتنفيذ هذا المشروع؟ وهل ستتم تعبئة المزيد من جنود الاحتياط؟ وكم منهم سيوافق على المشاركة؟ ويعتبر أن الصعوبات المتوقعة من هذا المشروع تفوق بكثير ما تواجهه إسرائيل حاليًا في بيت حانون.

كما يشير إلى أن هذا المشروع قد يُستخدم سياسيًا داخل الائتلاف، تمامًا كما حدث في تمرير "قانون الإعفاء من التجنيد"، لكنه في حقيقته يمثل "كارثة ذاتية" جديدة باسم "المدينة الإنسانية". ويتطرق الكاتب إلى الأثمان السياسية المتوقعة، مشيرًا إلى أن صورة إسرائيل في العالم تتآكل، حتى في عيون أصدقائها، وأن مجرد التفكير في تنفيذ المشروع قد يؤدي إلى اتهام إسرائيل بإنشاء "معسكر اعتقال"، بحسب التفسيرات الدولية المتوقعة.

ويحذر يميني من العواقب القانونية والأخلاقية التي قد تترتب على الجيش في حال وُجهت اتهامات بارتكاب جرائم حرب، في ظل التوثيق العالمي المكثف لأي عملية إخلاء قسري أو معاناة إنسانية. ويورد قول مسؤول عسكري كبير له بأن المدعية العسكرية العامة لا تعيق الجيش بل تحميه، وأن الوضع القانوني السيئ الذي تمر به إسرائيل كان سيكون أسوأ بدونها، داعيًا إلى شكرها بدل مهاجمتها.

ويختم يميني مقاله بتحذير مباشر من أن مشروع "المدينة الإنسانية" سيحوّل كل جندي إسرائيلي إلى مشتبه بارتكاب جرائم حرب في نظر العالم، وأنه حتى لو تمكنت الحكومة من إقالة المستشارة القضائية أو كبار المسؤولين القانونيين في إسرائيل، فإنها لن تستطيع إقالة المحاكم الدولية. ويطالب المستوى السياسي بالامتناع عن تنفيذ هذه الخطوة، معتبرًا أنها ستكون مكافأة لحماس، ويحث على إيجاد حلول أكثر ذكاءً وتعقيدًا، قائلًا إن "العقل اليهودي مطالب بابتكار أفكار أذكى، لا استخدام مطرقة لقتل بعوضة".

Populars