في مقاله المنشور اليوم بصحيفة "يسرائيل هيوم" تحت عنوان "إيران وتركيا هما أكبر الخاسرين"، يقدّم البروفيسور إيال زيسر قراءة حادة لنتائج ما يصفها بـ"حرب الإثني عشر يومًا"، أو كما يسميها بشكل لافت "الحرب الأولى ضد إيران"، مشيرًا إلى أن هذه الحرب لم تقضِ تمامًا على "السرطان الإيراني"، لكنها وجّهت له ضربة موجعة، لا سيما في مشروعه النووي وفي طموحه لبسط هيمنة إقليمية تمتد من طهران إلى غزة، مرورًا ببغداد ودمشق وبيروت.
يرى زيسر أن الحلم الإيراني بإنشاء هلال نفوذ شيعي يُطوّق إسرائيل ويُضعفها قد تهاوى – وهو نفس الحلم الذي ألهم، بحسب تعبيره، يحيى السنوار في التخطيط لهجوم 7 أكتوبر الدامي. الضربات الإسرائيلية، بدعم أميركي واضح، نجحت في "إعادة إيران إلى حجمها الطبيعي" – من دولة تدّعي القوة إلى كيان هش، مخترق، بالكاد يستطيع حماية نفسه، كما يقول الكاتب.
ويضيف زيسر أن الانتصار الإسرائيلي الأخير يُكمل سلسلة "إعادة رسم خارطة الشرق الأوسط"، والتي بدأت – بحسب تحليله – بتدمير سلطة حماس العسكرية والإدارية في غزة، تلتها الضربات القاسية لحزب الله في لبنان، والانهيار المتواصل لنظام الأسد في سوريا، وها هي إيران اليوم تُصاب في صميم كبريائها.
لكن إيران ليست الخاسر الوحيد في نظر زيسر، بل تركيا أيضًا. فرجب طيب أردوغان – الذي يرى نفسه وريثًا للسلطنة العثمانية – اختار الاصطفاف الخطابي إلى جانب "الطرف الخاطئ"، أي محور إيران وحماس، مكتفيًا بالكلام من دون أفعال. زيسر يصف ذلك بلهجة تهكمية، مشيرًا إلى أن المنطقة تُقدّر من "يُظهر القوة لا من يُكثر الكلام"، ويضيف بوضوح: "أردوغان يتكلم، لكن إسرائيل وترامب هما من يفعلان".
تركيا، برأي الكاتب، تفتقد اليوم إلى الموارد الاقتصادية التي تُمكّنها من شراء النفوذ، وقد تبيّن أنها أيضًا متأخرة عسكريًا وتكنولوجيًا، على عكس ما حاولت تصويره طوال سنوات.
وفي نظر زيسر، يمكن ضم روسيا والصين إلى قائمة الخاسرين أيضًا. إذ يرى أن عداءهما لإسرائيل وتعاطفهما مع إيران وحماس أساء إليهما أكثر مما نفعهما، وكشف محدودية تأثيرهما السياسي والعسكري في الشرق الأوسط. فـ"الطريق إلى واشنطن تمر مجددًا عبر اورشليم القدس"، كما كتب، والدول التي ستستطيع تعزيز أمنها ومكانتها هي تلك التي تنتهج سياسة سلام واستقرار، بما في ذلك – بشكل مفاجئ – "سوريا الجولاني"، في إشارة إلى النفوذ المتزايد لهيئة تحرير الشام في شمال سوريا.
ويختم زيسر مقاله بدعوة صريحة: على هذه الدول – روسيا، الصين، تركيا – أن تستوعب الرسالة وتتعلم من دروس الهزيمة، إن أرادت أن تحافظ على موطئ قدم في الشرق الأوسط الجديد.