في مقالٍ نشرته في صحيفة "يديعوت أحرونوت"، تطرقت الكاتبة إييلِت نحمياس إلى ما وصفته بالخطر الداهم على الطابع الديمقراطي لدولة إسرائيل، على خلفية تصاعد موجات العنف والتحريض ضد المواطنين العرب، والتي بلغت ذروتها، برأيها، في الاعتداء الجسدي على عضو الكنيست أيمن عودة يوم السبت.
تبدأ نحمياس بالإشارة إلى حالة التكاتف التي سادت المجتمع الإسرائيلي في أعقاب هجوم السابع من أكتوبر، حين اتّحد الجميع ضد "وحشية حماس"، مشيرة إلى أن الجماعة لم تفرّق بين عربي ويهودي، إذ قتلت بدوًا وأطفالًا وخطفتهم، بل وقتلت المسعف عوّاد دراوشة بينما كان يحاول إنقاذ مصابين من حفلة موسيقية. وتضيف الكاتبة أن هذه الفاجعة كشفت أن دولة إسرائيل محاطة بمنظمات تسعى لإبادتها، الأمر الذي لا يحتاج إلى تأكيد، لكنه للأسف تجلى من جديد بطريقة مأساوية.
غير أن ما يُثير قلق نحمياس ليس فقط الخطر الخارجي، بل "الكاهنيزم المجنون" – في إشارة إلى تنامي أفكار الكاهانية – الذي يتغذى من موجات التحريض الداخلي ضد العرب. تقول إن كل إسرائيلي يجب أن يشعر بالخطر من هذه النزعة التي تهدد هوية الدولة كمكان لحياة مشتركة وليس كنظام فصل عنصري.
ترى الكاتبة أن العرب في إسرائيل أظهروا موقفًا مسؤولًا بعد الهجوم، حيث بادروا إلى إقامة غرف طوارئ للمساعدة، وواجهوا موجة من الكراهية التي بدأت بشكل غير مباشر – مثل الخوف من التحدث بالعربية – لكنها ما لبثت أن تحوّلت إلى عنف مباشر.
وتضرب نحمياس مثالًا بسلسلة من الاعتداءات على سائقي الحافلات العرب، مشيرة إلى النقص الكبير أصلًا في عدد السائقين، لتُظهر حجم الخسارة الفعلية الناتجة عن هذه الاعتداءات.
وتنتقد نحمياس الجهاز القضائي الذي، حتى في الحالات التي تقوم فيها الشرطة بدورها وتعتقل المعتدين، يُطلق سراحهم سريعًا، حتى وإن حضر ضابط شرطة كبير إلى المحكمة للإدلاء بشهادته. وترى في هذا الواقع المترهل بيئة تُشجّع على التسيّب وتشعر العرب بأن حياتهم لا تُساوي شيئًا في نظر الدولة.
في سياق آخر، عبّرت الكاتبة عن صدمتها من الاعتداء على النائب عودة، موضحة أن هذا الحدث لا يجب أن يُرى من زاوية سياسية، بل كمؤشر خطير على تآكل أسس النظام الديمقراطي. وعلى الرغم من أنها لا تتفق مع آرائه، لكنها ترى أن الاعتداء عليه هو تعدٍ صارخ على قواعد العمل الديمقراطي، وتستنكر صمت معظم الشخصيات السياسية، باستثناء رئيس الدولة.
كما أعربت نحمياس عن قلقها من "العنف الشعبي"، الذي بات يستهدف العاملين في السينما والمطاعم وأماكن العمل، لافتة إلى أن مجموعات كاملة من الشباب باتت تتصرّف وكأنها ميليشيات، وتهاجم الأبرياء لمجرد هويتهم.
وفي خلاصة موقفها، تؤكد الكاتبة أن العنف ليس حكرًا على المجتمع العربي، بل هو نتاج تفكك اجتماعي داخل المجتمع الإسرائيلي ككل، محذّرة من تجاهل أصوله وتمدّده، خصوصًا في ظل وجود "وكلاء للفوضى" يشغلون مناصب رسمية ويتبنون رموزًا كباروخ غولدشتاين، أو يرددون شعارات مثل "الموت للعرب" ويُضفون عليها شرعية.
تختم نحمياس بالقول إن غياب الردع والمحاسبة يُطلق العنان لهذه القوى، معربة عن أملها في أن يكون الموقف الصارم لإدارة سينما "سيتي" التي أدانت الاعتداء، نموذجًا لِما يمكن أن يقدمه القطاع الخاص في ظل غياب الدولة. لكنها تحذّر في الوقت ذاته من الاعتماد المفرط على المبادرات الفردية، داعية إلى تحرّك وطني شامل لمواجهة هذا العنف قبل أن يُقوّض نسيج الدولة من الداخل.