في مقالها المعنون "أخوّة الدم حقيقية" والذي نشرته صحيفة "يديعوت أحرونوت"، توجهت الكاتبة والصحافية شيلي يحيموفيتش بنقد لاذع للحكومة الإسرائيلية، متهمة إياها باعتماد نمط متكرر من السلوك العسكري والسياسي، حيث تتعمد إبقاء جبهات الحرب مشتعلة لأغراض سياسية داخلية، ولو على حساب حياة الجنود ومستقبل الدولة.
تؤكد يحيموفيتش أن التدخل الأمريكي، وتحديدًا من قبل الرئيس ترامب، هو ما حال دون انزلاق إسرائيل إلى حرب جديدة في سوريا. فكل اتفاق لإعادة المختطفين، كما تقول، لم يتم إلا تحت ضغط أمريكي، والحرب مع إيران لم تختتم بسرعة في 12 يومًا إلا بسبب تدخل واشنطن. الحكومة الإسرائيلية، وفقًا لها، تبدو متحمسة للزج بالجنود في أتون المعارك دون أهداف واضحة أو استراتيجية خروج، حتى يأتي ترامب ويأمر بوقف إطلاق النار.
وتشير الكاتبة إلى أن ما جرى مؤخرًا في سوريا هو نموذج صارخ لهذا السلوك. فإسرائيل، رغم انخراطها في مفاوضات تطبيع بوساطة أمريكية ودعم ترامب للنظام السوري، قامت بمهاجمة مواقع في دمشق دون استفزاز أو تهديد مباشر، مما يوحي، بحسب يحيموفيتش، بأن افتعال الحرب بات غاية بحد ذاتها.
تبريرات الحكومة، كما تسخر الكاتبة، تتبدل بوتيرة مثيرة للسخرية. يومًا الحديث عن تهديد على الحدود، وفي اليوم التالي يصبح الهدف هو "حماية إخوتنا الدروز"، كما قال نتنياهو. لكن هل قصف دمشق يخدم هذا الهدف فعلًا؟ تتساءل يحيموفيتش، لتضيف أن إسرائيل لم تبادر حتى لطلب إدخال قوات النظام السوري إلى السويداء لحماية الدروز، وهو ما تم لاحقًا عبر القنوات الدبلوماسية، فيما فضلت الحكومة الإسرائيلية قصف هيئة الأركان السورية "لإيصال رسالة".
وتتابع الكاتبة: كما أن الحرب في غزة مستمرة بلا جدوى، يبدو أن فتح الجبهة في سوريا جاء لنفس السبب – إبقاء الجبهات ملتهبة لتأجيج الجمهور وتوفير أجواء طوارئ تساعد نتنياهو في تأجيل محاكمته. وفي الحالة السورية، تضيف، كان ذلك أيضًا محاولة لإرضاء الدروز الداعمين لليكود.
أما عن التصريحات المتكررة حول "أخوّة الدم" مع الدروز، فترى يحيموفيتش أنها شعارات جوفاء ومنافقة ما دامت حكومة نتنياهو هي من سنت "قانون القومية"، الذي جعل الدروز، إلى جانب باقي العرب في إسرائيل، مواطنين من الدرجة الثانية. فلو كانت الأخوة حقيقية، لما وُلد هذا القانون القومي العنصري، الذي لم يجلب سوى الإهانة والتفرقة، وغرس وصمة رسمية للعنصرية داخل الدولة.
تسلط الكاتبة الضوء على الواقع الصعب للطائفة الدرزية، حيث نسب البطالة تصل إلى 40%، وثلث السكان يتلقون خدمات من الشؤون الاجتماعية، والمجالس المحلية تنهار. بل إن وضعهم، تقول، لا يختلف عن العرب الآخرين، وربما أسوأ، ما يدحض الفكرة السائدة بأن الخدمة العسكرية تضمن لهم مساواة في المواطنة. والأشد قسوة – بنظر يحيموفيتش – أن على نتنياهو خوض حرب وسفك دماء، أسهل له من إلغاء قانون القومية.
وفي خاتمة مقالها، تعبّر الكاتبة عن امتنانها لترامب، لأنه لولاه، "لكنا الآن غارقين في أتون حرب جديدة"، على حد تعبيرها.