في مقاله المنشور بصحيفة "يديعوت أحرونوت"، يطرح مناحيم كوهين موقفًا متشددًا من الخطاب الإنساني المتزايد في إسرائيل بشأن معاناة سكان غزة، ويرى فيه انحرافًا خطيرًا عن البوصلة الأخلاقية اليهودية. بحسب كوهين، فإن الحديث عن المجاعة في القطاع يجري تطبيعه يومًا بعد يوم داخل المجتمع الإسرائيلي، مما يؤدي إلى الوقوع في فخ "الشفقة على الأعداء"، وهو ما يصب في مصلحة حماس ويهدد حياة المختطفين الإسرائيليين.
يذكّر كوهين قرّاءه بأن المختطفين لا يزالون محتجزين لدى عناصر حماس وعائلات في غزة، سواء فوق الأرض أو في الأنفاق. لذلك، فإن كل تقرير عن المعاناة، وكل تعاطف مع صور مزعومة أو موثقة، بل حتى التفاعل العاطفي مع أي سردية إنسانية من غزة، يعني – من وجهة نظره – تقوية العدو وتعريض حياة المختطفين للخطر.
يضرب كوهين مثالًا حادًا ليشرح وجهة نظره: هل من المنطقي أن يشتكي سارق اقتحم بيتك وخطف أبناءك من الجوع في المطبخ؟ هل ستبادر لإطعامه؟ بل يذهب أبعد من ذلك حين يقارن النقاش حول سوء التغذية في غزة بالحديث عن غذاء النازيين في أيامهم الأخيرة. ويقتبس المثل التلمودي: "من يرحم القساة، سينتهي به المطاف بأن يقسو على الرحماء".
من وجهة نظره، فإن النقاش الدائر حاليًا حول الوضع الإنساني في غزة لا يُعد فقط خرقًا للعدالة، بل تهديدًا وجوديًا للمختطفين أنفسهم، إذ إن حماس، كما يقول، تستغل المعاناة المدنية لتشتيت الانتباه واستثمارها كغطاء إعلامي. أما من يعاني فعلاً، وفق رأيه، فهم المختطفون الإسرائيليون الذين يتضورون جوعًا في الأنفاق، لا الغزيون الذين اختاروا، حسب تعبيره، دعم التنظيم.
ويُحمّل كوهين حماس المسؤولية الكاملة عن استمرار الحرب، ويؤكد أن بإمكانها إنهاء المعاناة كلها بخطوة واحدة بسيطة: إطلاق سراح المختطفين. لكنه يرى أن الحركة تُماطل عمدًا، مستفيدة من دعم "المتعاونين من بيننا" ومن الضغط الدولي المتزايد على إسرائيل، في حين تغيب أي مطالبة فعلية لحماس.
ويختم الكاتب دعوته بالتشديد على أن الأولوية الأخلاقية، وفق ما يسميه "المعنى الحقيقي للمروءة اليهودية"، هي إعادة المختطفين إلى ديارهم. أما أي انشغال بمعاناة غزة قبل ذلك، فهو انحياز لصالح العدو. ويرى أن توحيد الصف الإسرائيلي خلف قضية المختطفين والتوقف عن ترديد دعاية حماس، هو الطريق الوحيد لتحقيق عودة المختطفين، وبعدها فقط يمكن الحديث عن معاناة المدنيين الفلسطينيين.