نشرت صحيفة "يديعوت أحرونوت" اليوم مقالًا للكاتبة د. دانا وولف تحت عنوان: "إسرائيل تتكبد خسارة مزدوجة"، تناولت فيه تداعيات قرار إسرائيل إعلان "هدن إنسانية" يومية في غزة، معتبرة أن هذه الخطوة تمثل في الجوهر وقفًا مؤقتًا لإطلاق النار دون مقابل من جانب حماس، الأمر الذي يعكس، برأيها، أزمة سياسية وقانونية عميقة.
وترى الكاتبة أن إسرائيل، بعد نحو عامين من الحرب ورغم سيطرتها على معظم مناطق القطاع، فشلت في إدارة الملف الإنساني. وتشير إلى أن حماس تستولي على جزء كبير من المساعدات، إلا أن المجتمع الدولي لا يحمّلها المسؤولية، بل ينظر إلى إسرائيل باعتبارها الطرف المهيمن والملزم قانونيًا بضمان وصول الإغاثة. وتضيف وولف أن صور الجوع والمعاناة تجعل أي تبريرات إسرائيلية تبدو "أعذارًا واهية".
من زاوية القانون الدولي، تذكّر الكاتبة بأن إيصال المساعدات للمدنيين قاعدة راسخة في قوانين الحرب، غير أن إسرائيل، بحسب تعبيرها، جعلت من هذا الملف "سلاحًا بيد خصومها".
وتقول إن الاتهامات بتقييد المساعدات دفعت إسرائيل لمواجهة دعاوى غير مسبوقة، بينها اتهام بجريمة إبادة رفعت ضدها في محكمة العدل الدولية، وأمر اعتقال لرئيس حكومتها من المحكمة الجنائية الدولية. وترى أن استمرار النهج الحالي يوفّر أدلة إضافية في القضايا ضدها، خاصة مع تصريحات الرئيس ترامب حول "المجاعة في غزة" بالتوازي مع إسقاط المساعدات من الجو.
أما سياسيًا، فتؤكد وولف أن حماس تستغل البعد الإنساني بذكاء لتقويض مكانة إسرائيل عالميًا وإضعافها في أي مفاوضات. فكل صورة لطفل جائع، كما تقول، تمنح الحركة نقاطًا على حساب إسرائيل. وترى أن قرار الهدن دون مقابل يرسل رسالة ضعف، ويقطع الرابط بين التسهيلات الإنسانية وبين ملف المختطفين، مما يمنح حماس "أفضلية غير مقبولة" رغم خسائرها الميدانية.
وتلفت الكاتبة إلى أن المتضررين المباشرين من هذا الوضع هم المختطفون الإسرائيليون أنفسهم، إذ تدرك حماس أن ورقة المختطفين هي أوراقها الاستراتيجية الأخيرة، ولن تتنازل عنها في مقابل هدنة إنسانية فقط. وتضيف أن إسرائيل بهذا السلوك تضعف أوراق ضغطها الأخيرة وتخاطر بعزل نفسها دوليًا.
وتخلص وولف إلى أن التجربة أثبتت أن القضاء على حماس غير ممكن عسكريًا فقط، بل يستلزم رافعة سياسية. وترى أن الحل يكمن في صفقة شاملة تنهي الحرب وتؤسس لسلطة فلسطينية بديلة، بدعم من ائتلاف عربي معتدل. وتحذّر من أن أي بديل آخر سيضر بمكانة إسرائيل دوليًا، وربما يسرّع بالاعتراف الواسع بدولة فلسطينية.