بدأ أكثر من مليون حاج صباح الأربعاء تأدية مناسك الحج في مكة المكرمة، حيث تشهد درجات الحرارة ارتفاعًا كبيرًا تجاوز 40 درجة مئوية، فيما عززت السلطات السعودية التدابير التنظيمية والصحية والأمنية للحفاظ على سلامة الحشود، وتفادي تكرار الحوادث المأساوية التي شهدها الحج في الأعوام السابقة، أبرزها كارثة عام 2015 التي أودت بحياة نحو 2300 شخص.
ويؤدي الحجاج اليوم طواف القدوم حول الكعبة في المسجد الحرام، بعد دخولهم في "الإحرام"، وهو حالة روحانية وسلوكية خاصة تتضمن لباسًا موحدًا، حيث يرتدي الرجال رداءين أبيضين غير مخيطين، وتكتفي النساء بعباءات بيضاء فضفاضة.
وقد وصل الحجاج مساء الثلاثاء إلى مشعر منى، حيث استُقبلوا بالقهوة والتمر، في أجواء تنظيمية مشددة. وقالت ريم الشغري، وهي حاجّة سعودية تؤدي الفريضة لأول مرة: "أنا سعيدة للغاية، إنه شعور رائع".
وتجاوز عدد الحجاج الوافدين هذا العام 1,4 مليون شخص، بحسب أرقام رسمية. وتشير السلطات إلى أنها جنّدت أكثر من 250 ألف موظف للعمل ضمن تنسيق بين أكثر من 40 جهة حكومية، لتأمين موسم آمن.
ومن أبرز الإجراءات الجديدة، الاستعانة بتقنيات الذكاء الاصطناعي لتحليل الصور والفيديوهات من طائرات مسيّرة، إلى جانب مسارات مشاة مبرّدة بطول أربعة كيلومترات، وزيادة المساحات المظللة بـ50 ألف متر مربع، وتوفير 400 وحدة تبريد، وآلاف الطواقم الطبية.
وتُعد منظومة التبريد في المسجد الحرام الأكبر عالميًا، وتقوم يوميًا بتنقية هواء التكييف 9 مرات، بحسب التلفزيون الرسمي.
وتؤكد السعودية أن معظم وفيات العام الماضي كانت في صفوف الحجاج غير النظاميين الذين لم تُوفر لهم خيام مكيّفة أو وسائل نقل مبردة. ولهذا، شنّت السلطات حملات مكثفة هذا العام ضد المخالفين، شملت مداهمات ومراقبة جوية عبر طائرات مسيّرة، وتنبيهات نصية للسكان.
ويُمنح تصريح الحج وفق نظام الحصص والقرعة، لكن تكاليفه المرتفعة تدفع البعض لأداء الفريضة دون تصريح، ما يعرضهم لغرامات تصل إلى آلاف الريالات، والحظر من دخول المملكة لعشر سنوات.
ويمثل موسم الحج مصدر دخل رئيسي للمملكة، إذ تدرّ شعيرتا الحج والعمرة مليارات الدولارات سنويًا على الاقتصاد السعودي، الذي يسعى إلى مضاعفة هذا العائد ضمن رؤية 2030.