أثار إعلان الرئيس الأميركي دونالد ترامب أن "المنشآت النووية الإيرانية دُمّرت بالكامل" جدلًا واسعًا، في ظل تضارب التقديرات الاستخبارية حول مصير مخزون اليورانيوم المخصب الذي كانت تمتلكه طهران قبيل اندلاع الحرب.
وفي حين أعلن رئيس الوزراء بنيامين نتنياهو أن "المشروع النووي الإيراني بات في خبر كان"، ونشرت اللجنة الإسرائيلية للطاقة الذرية بيانًا نادرًا تحدث عن تراجع قدرات إيران "لعدة سنوات"، أبدى مسؤولون أميركيون وأوروبيون تحفظات على تلك الرواية.
ووفق الوكالة الدولية للطاقة الذرية (IAEA)، كانت إيران تملك قبل الحرب مخزونًا من 408 كلغم من اليورانيوم المخصب بنسبة 60%، وهي نسبة قريبة من العتبة العسكرية البالغة 90%، ويمكن بلوغها تقنيًا خلال أيام. وتشير التقديرات إلى أن هذا المخزون كان موزعًا على منشآت متعددة، أبرزها نطنز وفوردو وأصفهان – وجميعها تعرضت لهجمات إسرائيلية وأميركية في إطار العملية العسكرية الأخيرة.
لكن بالرغم من الأضرار الجسيمة، تظل الأسئلة مفتوحة حول ما إذا كانت إيران نجحت فعلًا في إخلاء ذلك المخزون ونقله إلى مواقع سرية. صحيفة فايننشال تايمز نقلت عن مصادر أوروبية أن جزءًا كبيرًا من اليورانيوم تم نقله مسبقًا، بينما أكد تقرير نيويورك تايمز أن المخابرات الأميركية لا تملك صورة قاطعة بشأن مصير المخزون، مشيرة إلى تناقض في التقييمات الإيرانية الداخلية.
من جهته، قال رافائيل غروسي، مدير الوكالة الدولية للطاقة الذرية، إن إيران أبلغته مع بداية العملية العسكرية بنيّتها تنفيذ "خطوات خاصة" لحماية المواد والمعدات النووية. ووفقًا لمصادر استخبارية، فقد تم تخزين اليورانيوم في حاويات صغيرة يمكن نقلها عبر مركبات مدنية، وقد شوهدت قوافل شاحنات تغادر منشآت أصفهان قبل القصف بأيام.
وفي حين يصرّ ترامب في منشور له على منصته "تروث سوشال" على أن "لا شيء تم نقله من منشأة فوردو"، وأن المركبات الظاهرة في صور الأقمار الصناعية كانت مخصّصة لأعمال خرسانية فقط، يشير مسؤولون آخرون في الإدارة الأميركية، مثل نائب الرئيس جاي دي فانس، إلى أن "الهدف كان دفن اليورانيوم تحت الأرض – وقد تحقق ذلك جزئيًا".
وتنقسم الآراء كذلك بشأن منشآت التخصيب البديلة التي قد تستخدمها إيران سرًا، إذ أشارت تقارير إلى وجود منشأة سرية جديدة تحت الأرض تُبنى عند جبل "بيكاكس ماونتن" قرب نطنز، يُعتقد أنها محصّنة بعمق يفوق 100 متر. ويُرجّح أن هذه المنشأة، التي وُصفت بأنها "القلعة السرية"، قد تكون الخيار البديل لإيران لمواصلة التخصيب في حال فشل مواقعها الرئيسية.
في الأثناء، تعهد المرشد الإيراني علي خامنئي بإعادة بناء المنشآت المدمرة، بينما لم تُبرم حتى الآن أي تسوية دولية تمنع طهران من استئناف برنامجها النووي. وأكدت واشنطن أنها قدّمت مقترحات لاتفاق جديد، فيما أعلنت طهران أنها تدرس إمكانية استئناف المفاوضات.
وفي ختام إحاطة مغلقة لمجلس الشيوخ الأميركي الليلة الماضية، قال السيناتور الجمهوري ليندسي غراهام إن "الخطر النووي الإيراني لم يُستأصل بعد"، مشددًا: "قدراتهم دُمّرت جزئيًا، لكن بإمكانهم إعادة البناء. لا تظنوا أن المشكلة انتهت – فهي لم تنتهِ".