تواجه إسرائيل واحدة من أصعب الأزمات الدبلوماسية في تاريخها، مع تصاعد حدة الانتقادات الدولية لطريقة إدارتها للحرب على قطاع غزة، وخصوصًا في صفوف دول الغرب التي كانت تُعتبر حليفًا موثوقًا لها.
ذروة هذا الانهيار جاءت أمس (الثلاثاء) حين أعلنت دول أوروبية رئيسية عن سلسلة قرارات وتوجهات تصعيدية ضد الحكومة الإسرائيلية. فرنسا، على لسان وزير خارجيتها جان نويل بارو، أعلنت دعمها لإعادة النظر في اتفاقية الشراكة الأوروبية مع إسرائيل، وهي الاتفاقية الأهم التي تربط إسرائيل بالاتحاد الأوروبي.
بريطانيا من جهتها فرضت عقوبات على مستوطنين وجمعيات استيطانية بسبب اعتداءاتهم في الضفة الغربية، واستدعت السفيرة الإسرائيلية في لندن تسيبي حوتوبيلي لجلسة توبيخ رسمية، كما أعلنت عن وقف مفاوضات اتفاقية التجارة الجديدة مع إسرائيل، في خطوة توحي بعدم رضا حكومة كير ستارمر.
وفي البرلمان البريطاني، ألقى وزير الخارجية ديفيد لامي خطابًا أكد فيه التزام بلاده بأمن إسرائيل ومحاربة معاداة السامية، لكنه شدد أن "العلاقات لا يمكن أن تستمر كالمعتاد في ظل السياسات الحالية لحكومة نتنياهو".
لاحقًا، أعلنت مفوضة الشؤون الخارجية في الاتحاد الأوروبي، كايا كالاس، أن غالبية الدول الأعضاء وافقت على طرح مستقبل اتفاقية الشراكة للنقاش مجددًا. وبينما لم تُتخذ بعد قرارات بإلغاء الاتفاق، فإن مجرد طرحه للنقاش يُعد ضربة دبلوماسية ثقيلة لإسرائيل.
رغم ذلك، تسع دول أوروبية – أبرزها ألمانيا والمجر وإيطاليا واليونان – أعربت عن معارضتها لهذا الطرح، في مشهد يُظهر تصدعًا داخل الموقف الأوروبي.
أما الدول التي "انقلبت" على إسرائيل، فتشمل فرنسا وهولندا، وهما دولتان كانتا تُعتبران من بين أقرب الحلفاء الأوروبيين لإسرائيل. يُشار إلى أن هولندا تحكمها حكومة يمين مدعومة من السياسي المؤيد لإسرائيل هيرت فيلدرز، ما يجعل موقفها الحالي أكثر دلالة على تغير المزاج العام في أوروبا.
حتى إيطاليا وألمانيا، ورغم تصويتهما ضد إعادة طرح الاتفاق، أطلقتا في الأيام الأخيرة تصريحات حادة تجاه سياسات إسرائيل، حيث وصف وزير الخارجية الإيطالي سكان غزة بأنهم "ضحايا حماس"، وليس سكان الجنوب الإسرائيلي، فيما أعرب المستشار الألماني الجديد فردريخ ميرتس عن قلقه من استمرار الحرب وسلوك حكومة إسرائيل.
وإذا كان الاتحاد الأوروبي قد بدأ في التشقق، فإن الأنظار تتجه نحو الولايات المتحدة، الحليف الأهم والأقوى لإسرائيل. وعلى الرغم من استمرار الدعم العلني من واشنطن، إلا أن تقارير متعددة تشير إلى تزايد الاستياء خلف الكواليس، في ظل استمرار الحرب وتعثر التفاهمات الإنسانية.